اختارت بعض الأطراف أن تنافس المغرب في محفل دولي يخص حقوق الإنسان، وراهنت على أن تمثل محطة انتخاب ممثل قارة أفريقيا في رئاسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، فرصة سانحة و حقيقية للحسم في قضايا أخرى لا علاقة لها بحقوق الإنسان أصلا .بمعنى أنها أخرجت استحقاقا انتخابيا يهم قضايا حقوق الإنسان في العالم من دائرته الحقوقية و أقحمته في تحدي سياسي مرتبط بأبعاد أخرى. والواضح أن الجزائر اختارت هذه المرة استعمال جنوب أفريقيا كمخلب حاد في هذه المواجهة، وطبعا قبلت دولة نيلسون مانديلا بأن تقوم بهذا الدور . الذي حدث يا سادة أن دولة الزعيم نيلسون مانديلا الذي كان رمزا عالميا للنضال الحقوقي، تسببت لنفسها ولتاريخها في انتكاسة حقوقية عالمية، حينما منيت بهزيمة نكراء أمام المغرب، بأن حصل مرشحها بالكاد على ثلث الأصوات التي حصل عليها مرشح المغرب .وبذلك فإن جنوب أفريقيا التي قبلت باستخدامها مخلبا ضد المغرب بتوريط من النظام الجزائري ، أساءت إلى نفسها و إلى زعيمها نيلسون مانديلا ، لأن الهزيمة النكراء تعني أن حكومةً جنوب أفريقيا لم تحفظ لتاريخها الحقوقي صيته و رصيده ،و أنها لم تعد تحظى بتقدير دول العالم . لم يكن الفارق بسيطا لحصر أسباب الفوز الكاسح لمرشح المغرب في عوامل حسابية عادية، بل الفوز كان كاسحا جدا يكشف من جهة ثانية و ثالثة و رابعة ، محدودية المد الجزائري و الجنوب أفريقي في القارة الأفريقية ، و انحصار نفوذ هذا الحلف الضعيف ، و يدل بصفة واضحة جدا على العزلة المتزايدة التي يشتد حبلها على أعناق الجزائر و جنوب أفريقيا ،لأن ما من استحقاق انتخابي جمع المغرب مع إحدى دول هذا الحلف المتآكل، إلا و خرج المغرب منه منتصرا، حدث هذا في احتضان كأس أفريقيا و في انتخابات جرت في الاتحاد الأفريقي و في غيرهما. خلاصة القول فإن جنوب أفريقيا بتاريخها النضالي الحقوقي الكبير خدشت صورة جنوب أفريقيا، وأساءت بسوء تقدير مع سبق الإصرار و الترصد إلى الزعيم نيلسون مانديلا بهذه «البهدلة» العالمية. و لعلها ستجد العزاء هذه المرة من الجزائر.