مستفيدا من دينامية الطلب الخارجي ومن دعم الاستثمار العمومي، سيسجل النمو الاقتصادي خلال سنة 2024 تحسنا في وتيرته، وذلك في سياق الانخفاض المرتقب لمعدل التضخم. كما ستسهم البرامج الاجتماعية التي جاءت في الاستراتيجية الملكية، خاصة تدابير الدعم الاجتماعي المباشر، في التخفيف من تأثير التضخم على القدرة الشرائية للأسر المستهدفة، في أفق التحرير المرتقب لأسعار غاز البوتان، كما هو الحال مع دينامية الاقتصاد الوطني، التي ستستفيد من البرامج الاجتماعية وأوراش إعادة الإعمار والنهوض بالمناطق المتضررة من الزلزال الأخير. وبناء على تطور الضرائب والرسوم الصافية من الإعانات على المنتجات ب%1,5، فمن المتوقع أن يسجل النمو الاقتصادي الوطني انتعاشا ب%2,9 في 2023 بدل %1,3 المسجلة سنة 2022، وهو ما سيلقي بظلال قاتمة على سوق الشغل، وذلك بفقدان 300 ألف منصب، حيث سيسجل معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفاعا ليصل إلى %13 سنة 2023 بعد %12,2 المسجلة سنة 2022. هذا ما كشفت عنه المندوبية السامية للتخطيط ضمن الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2024، والتي أكدت أن الأنشطة الاقتصادية ستشهد انتعاشا طفيفا سنة 2023 متأثرة بتباطؤ الطلب الخارجي وبصعوبة تخفيض التضخم وبالظروف المناخية غير الملائمة وكذلك بانكماش القطاع الثانوي. وأكدت المندوبية أن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب سيعرف انتعاشا سنة 2024، لتتحسن وثيرة نموه إلى %3,7 بعد تباطؤها الملحوظ إلى %0,9 سنة 2023، مستفيدا من انتعاش النشاط الاقتصادي بإسبانيا وفرنسا التي تبقى الوجهات الرئيسية للصادرات الوطنية. وقال المصدر أن الموسم الفلاحي 2022-2023 عرف ظروفا مناخية غير ملائمة، تميزت بعجز في مستوى التساقطات المطرية وتوالي تقلبات درجة الحرارة، حيث استقر إنتاج الحبوب في حدود 55,1 مليون قنطار، بانخفاض نسبته %15 مقارنة بمتوسط السنوات الخمسة الأخيرة، وبزيادة %62 مقارنة بالموسم الفلاحي الماضي. ومقابل ذلك، يترقب أن تتأثر أنشطة تربية الماشية سلبا بتعاقب سنوات الجفاف، ما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الواردات من المواشي، كما يرتقب أن تعرف القيمة المضافة للقطاع الفلاحي تحسنا ب%6 سنة 2023 بعدما سجلت انخفاضا ملحوظا ب%12,9 سنة 2022.
وأعلنت المندوبية ضمن توقعاتها أنه بناء على تطور قطاع الصيد البحري بنسبة 19,1 في المائة، فستعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي زيادة ب%6,7 عوض انخفاض ب%12,7 سنة 2022، حيث سيسجل مساهمة موجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 0,7 نقطة. كما توقعت أن تسجل الأنشطة غير الفلاحية تباطؤا طفيفا لتستقر وتيرة نموها في حدود %2,7 عوض %3 سنة 2022، وذلك رغم النتائج الجيدة للقطاع الثالثي، مرجعة ذلك إلى النتائج غير الملائمة لأنشطة للقطاع الثانوي التي ستواصل تسجيل معدلات نمو سالبة ستستقر في حدود %0,4 سنة 2023 عوض %1,7 المسجلة سنة 2022. وفيما يخص أنشطة الصناعات التحويلية، أكد المصدر نفسه أنها ستعرف نموا متواضعا لتستقر وتيرته في حدود %0,6 عوض %0,3 خلال السنة الماضية، نتيجة تراجع أنشطة الصناعات الكيمياوية ب %4,1- بالنظر إلى انخفاض إنتاج الأسمدة وتباطؤ الصناعات الغذائية وأنشطة صناعة النسيج، فيما ستواصل صناعة معدات النقل ديناميتها الجيدة سنة 2023 مستفيدة من النتائج الملائمة لأنشطة صناعة المكونات الإليكترونية والأسلاك الكهربائية مصحوبة بتحسن التموين بالنسبة لأشباه الموصلات. وجراء تراجع إنتاج الفوسفاط والانخفاض الملحوظ للطلب المحلي والخارجي الموجه نحو الفوسفاط الخام، قالت المندوبية أن القيمة المضافة لأنشطة قطاع المعادن ستسجل انخفاضا ب%4,2- سنة 2023 عوض انكماش ب %9,4 سنة 2022. أما قطاع البناء والأشغال العمومية فمن المرتقب أن يواصل نتائجه المتواضعة سنة 2023 المسجلة منذ عشر سنوات، حيث سيسجل انخفاضا جديدا ب %1,3- بعد تراجعه ب %3,6- سنة 2022، كما أن الطلب الموجه نحو العقار سيتأثر بتشديد الشروط التمويلية وبتدهور القدرة الشرائية للأسر. وبناء على التحسن المعتدل للمداخيل الفلاحية ومواصلة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج لمنحى نموها، توقعت مندوبية التخطيط أن يسجل استهلاك الأسر سنة 2023 ارتفاعا طفيفا ب %0,6 عوض انخفاض ب%0,7 سنة 2022. وتوقع المصدر أن يتراجع العجز التجاري خلال سنة 2023 ليبلغ 20% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %23,2 سنة 2022، مستفيدا من منحى أسعار المواد الأولية الذي سيمكن من تخفيض فاتورة الطاقة والفاتورة الغذائية، ولكن بالمقابل سيؤثر بشكل سلبي على قيمة الصادرات الوطنية.