قالت المندوبية السامية للتخطيط، إنه بعد التباطؤ الحاد الذي سجله الاقتصاد الوطني سنة 2022، سيعرف هذا الأخير انتعاشا سنة 2023، مدعما أساسا بالأنشطة الأولية والثالثية. وفي ظل ظروف متعددة بسطتها مندوبية الحليمي، سيعرف سوق الشغل انخفاضا مستمرا في معدل النشاط ب0,8% سنة 2023، بعد أن سجل تراجعا ب%2,2 سنة 2022. وهكذا، بناء على الزيادة المتوقعة في فرص الشغل الصافية، سيستقر معدل البطالة على المستوى الوطني في حدود %12,2 سنة 2023. وبناء على زيادة الضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات ب%2,9، سيسجل النمو الاقتصادي الوطني انتعاشا ب %3,3 سنة 2023. وسيعرف التضخم، المقاس بالمؤشر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي، تباطؤا ليستقر في حدود%2,8 بعدما بلغ%3,1 سنة 2022. وأوضحت المندوبية، في تقرير لها عن الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2024، أن الموسم الفلاحي 2022-2023، عرف تحسنا متأخرا للظروف المناخية بعد فترة الجفاف النسبي التي استمرت إلى غاية العشرية الأولى من شهر نونبر من سنة 2022. وستمكن التساقطات المطرية المسجلة إلى غاية شهر فبراير من سنة 2023 الماضي وكذا التساقطات المطرية الربيعية من تغطية العجز من الموارد المائية المسجل خلال بداية الموسم ومن تحسن طفيف في نسبة ملء السدود الرئيسية على المستوى الوطني، حيث عرف إنتاج الحبوب زيادة ب 62% مقارنة بالموسم الماضي، ليصل إلى حوالي55,1 مليون قنطار. بالإضافة إلى ذلك، سيستفيد إنتاج الخضر وزراعة الأشجار، خاصة إنتاج الحوامض والزيوت والتمور من تحسن الظروف المناخية رغم تأخره. ورغم تحسن الغطاء النباتي والنتائج الجيدة المرتقبة للمحاصيل الكلئية، فستتأثر أنشطة تربية الماشية بالصعوبات المرتبطة بانخفاض عدد رؤوس الماشية، نتيجة تعاقب سنوات الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج. وقد استدعت هذه الوضعية اللجوء المكثف إلى استيراد الأبقار والأغنام لتلبية الطلب الداخلي. وهكذا، ستسجل القيمة المضافة للقطاع الفلاحي تحسنا ب%6,7 سنة 2023، بعد انخفاض ملحوظ ب %12,9 سنة 2022. وبناء على تطور أنشطة الصيد البحري ب %5,3، بعد تراجعه ب %9,7 سنة 2022، سيسجل القطاع الأولي زيادة ب%6,6 بعد انخفاض كبير ب %12,7 سنة 2022. وحسب تقرير المندوبية دائما، ستستفيد الأنشطة غير الفلاحية من دينامية الأنشطة الثالثية، غير أنها ستتأثر بتباطؤ الطلب الأجنبي واستقرار أسعار المواد الأولية في مستويات عالية و تراجع صعوبات تموينها على المستوى الدولي. وستعرف أنشطة الصناعات التحويلية، بناء على الدينامية التي ستعرفها الصادرات من المنتجات الصناعية، نموا معتدلا. ويتوقع أن تسجل القيمة المضافة لأنشطة الصناعات الغذائية وصناعة النسيج تباطؤا سنة 2023، نتيجة تأثير تباطؤ الطلب الخارجي، خاصة الطلب على الفواكه والمنتجات البحرية وكذا على الملابس الجاهزة. وستواصل صناعة معدات النقل وتيرة نموها بناء على استمرار تحسن الطلب الأجنبي الموجه لهذه الأنشطة. وبالمقابل، ستتأثر أنشطة الصناعات الكيمائية بانخفاض الطلب الخارجي على الأسمدة منذ منتصف سنة 2022، خاصة الطلب الوارد من الهند والبرازيل. وبالتالي، ستواصل القيمة المضافة لقطاع المعادن تراجعاتها، غير أنها تبقى دون الانخفاض المسجل خلال السنة الماضية، نتيجة ضعف الطلب الخارجي على منتجات الفوسفاط، في سياق يتسم باستقرار أسعار التصدير في مستويات مرتفعة. فيما ستعرف أنشطة قطاع البناء والأشغال العمومية سنة 2023 نموا متواضعا بوتيرة لن تتجاوز %0,4 بعد انخفاضها الملحوظ ب%3,6 سنة 2022. وعزت مندوبية التخطيط ذلك من جهة إلى تراجع مشاريع البناء الجديدة نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء والعقار، ومن جهة أخرى إلى تشديد الشروط التمويلية التي ستؤدي إلى إضعاف الطلب الخواص على العقارات، غير أن أنشطة الأشغال العمومية ستتمكن جزئيا من تغطية ركود قطاع البناء، مستفيدا من زيادة حجم الاستثمارات العمومية المخصصة للبنية التحتية. في ظل هذه الظروف، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الثانوي تحسنا ب%0,3 سنة 2023 عوض انخفاض ب%1,7 المسجل سنة 2022. على مستوى القطاع الثالثي، ستعرف القيمة المضافة للخدمات التسويقية سنة 2023 نموا بوتيرة %4,2 نتيجة الانتعاش الملحوظ لأنشطة السياحة والنقل. وسيسجل قطاع السياحة تحسنا ملحوظا ب%32 سنة 2023. وتعزى هذه الدينامية الجيدة إلى انتعاش السياحة العالمية، وتعزيز سمعة وجهة "المغرب" نتيجة الإنجاز الذي حققه أسود الأطلس في كأس العالم ونجاح حملة "المغرب أرض الأنوار" التي أطلقها المكتب الوطني المغربي للسياحة. وستتعزز دينامية رواج النقل الجوي سنة 2023، نتيجة انتعاش الأنشطة السياحية. غير أن أنشطة النقل البحري ستعرف انكماشا، على خلفية تباطؤ التجارة الخارجية، خاصة تلك المرتبطة بصادرات الفوسفاط ومنتجات مشتقاته. وستعرف الخدمات التسويقية الأخرى إجمالا تطورا معتدلا نتيجة الانتعاش الطفيف للطلب الداخلي. بالإضافة إلى ذلك، ستواصل الخدمات غير التسويقية نموها المدعم، نتيجة الزيادة في نفقات موظفي الإدارات العمومية. بناء على هذه التطورات، سيعرف القطاع الثالثي ارتفاعا ب%4,2 سنة 2023 عوض زيادة ب %5,4 سنة 2022، لتبلغ مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي حوالي 2,3 نقط.
تقوم المندوبية السامية للتخطيط بإعداد الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2024، التي تقدم مراجعة للنمو الاقتصادي الوطني لسنة 2023 وكذا استشراف آفاق تطوره خلال سنة 2024. وستمكن هذه الميزانية، الحكومة وأصحاب القرار، عبر التطور الاقتصادي المرتقب لسنة 2024، من تسطير توجهات سياساتهم، حيث تشكل إطارا مرجعيا لتحديد الأهداف الاقتصادية، مدعمة بالتدابير المرتقب تنفيذها، خاصة في إطار القانون المالي لسنة 2024. ويرتكز إعداد هذه الميزانية الاقتصادية على المؤشرات والمعطيات المؤقتة لسنة 2022 الصادرة عن المحاسبة الوطنية وعلى نتائج البحوث الفصلية وأشغال تتبع وتحليل الظرفية التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط خلال النصف الأول من سنة 2023. كما تعتمد هذه التوقعات على مجموعة من الفرضيات المتعلقة بتطور العوامل الخارجية التي تؤثر على الاقتصاد المغربي، سواء على الصعيدين الوطني أو العالمي. وتعتمد الآفاق الاقتصادية لسنة 2024، على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2023-2024 وعلى فرضية نهج نفس السياسة المالية المتبعة خلال سنة 2023، خاصة السياسات العمومية التي يتعين تنفيذها لتحقيق الإقلاع الاقتصادي.