أضر ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب كثيرا بالقدرة الشرائية للمغاربة الذين باتوا عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الضرورية، هذا ما كشفته نتائج استطلاع رأي أنجزه معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بتنسيق مع الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، حول "التأثير الكبير لارتفاع أسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمغاربة، وعلى تلبية احتياجاتهم الأساسية". وكشف الاستطلاع أن 99.2 بالمائة من المشاركين يعبرون عن شعورهم بزيادة تكلفة التموين الشهري للسيارة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، و93.3 بالمائة يؤكدون تأثير هذا الارتفاع على قدرتهم في توفير أمور أساسية مثل الطعام والإيجار والفواتير. ووفق نتائج الاستطلاع، فقد اضطر 95.4 بالمائة من المستهلكين إلى تقليل الإنفاق على الأشياء غير الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار، ووجدوا أنفسهم مضطرين إلى إعادة تقييم أولويات إنفاقهم، فيما دعت نسبة 98.8 بالمائة من المستجوبين إلى ضرورة اتخاذ تدابير حكومية للتعامل مع ارتفاع أسعار المحروقات، مما يساعد في تقليل الضغط على المواطنين جراء ارتفاع أسعار المحروقات. واقترح حوالي 51,6 بالمائة تسقيف الأسعار، و29,8 بالمائة إعادة الدعم للمقاصة، و10,5 بالمائة تخفيض الضرائب على المحروقات، فيما دعا 3,3 بالمائة إلى دعم الأسر ذات الدخل المحدود. وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي، سوفيان بوشكور، إن الخلاصة العامة من الاستطلاع هو شعور غالبية المشاركين بعدم الرضا عن الواقع المعيشي نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وتداعياته على المستوى العام للأسعار. وأوضح في تصريح ل"العلم" أنه يصعب تسقيف الأسعار لأننا في نظام اقتصادي منفتح ومتحرر، كما أن التسقيف سيكون على حساب ميزانية الدولة التي تتحمل الهامش، وهو ما يعني ارتفاع مصاريف المقاصة، مشيرا إلى أن التوجه العام للحكومة هو التخفيف من ميزانية صندوق المقاصة والتوجه نحو الاستهداف المباشر للأسر المغربية عن طريق الدعم المباشر للأسر الهشة من خلال البرنامج الملكي للدعم المباشر للأسر والذي سيتم تمويله من المخصصات لصندوق المقاصة ومن تجميع البرامج الاجتماعية. وبخصوص الطبقة المتوسطة، أكد الخبير الاقتصادي، أنها أكبر المتضررين من ارتفاع الأسعار مع غياب برامج مصاحبة لدعم القدرة الشرائية، مشددا على أن الحل ليس في ضبط الأسعار، بحكم أنه صعب في ظل حالة اللايقين الدولية وارتفاع التوترات السياسية منها والمناخية، بل يكمن في مواكبة هذه التغيرات من خلال إصلاح شامل لمنظومة الأجور وإصلاح الضريبة على الأجر (IGR) على وجه الخصوص. ونبه المتحدث ذاته، إلى أن الحكومة عازمة على فتح هذا الورش بعد استكمال إصلاح الضريبة عن القيمة المضافة، مذكرا في الوقت ذاته، بأن 2024 هي سنة إصلاح حقيقي لمنظومة الضريبة عن الدخل مما سيمكن من مواكبة الأجور لارتفاع الأسعار.