في انتصار جديد لجهود المغرب متعددةِ المستويات، أعلنت المفوضية الأوروبية، يوم الأربعاء الأخير، عن حذف المملكة من القائمة الرمادية للاتحاد الأوروبي المتعلقة بالدول الخاضعة للمراقبة في مجال غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ويرى محللون، أن بلادنا ستجني من وراء هذا القرار، مكاسب كبرى في ظل ظرفية وطنية ودولية صعبة. وكان المغرب عمل بجدية وخلال مدة قصيرة، على تحديث منظومته القانونية والإدارية، إلى جانب بذل الحكومة مجهودا لتحسيس الأطراف المعنية في هذا الإطار. ويعتمد قرار المفوضية الأخير، على المعلومات الصادرة عن مجموعة العمل المالي (غافي)، والتعديلات المقررة خلال الاجتماع العام للمجموعة في شهر فبراير 2023، ضمن قائمة "السلطات الموضوعة تحت المراقبة المشددة"، أو الموصوفة ب"القائمة الرمادية". وكانت (غافي) حذفت المغرب من هذه القائمة، عقب تنفيذه لخطة عملها المتفق بشأنها مع المجموعة. وأشادت المفوضية الأوروبية، بالتدابير المتخذة بغيةَ تنفيذ خطة العمل المتفق بشأنها مع مجموعة (غافي)، مشيرة إلى قيام المملكة بمعالجة أوجه القصور في منظومتها لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. في هذا السياق، يؤكد الخبير والمحلل الاقتصادي، علي الغنبوري، أن خروج بلادنا من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، مكنها من الاستدانة من السوق الدولية بشروط ميسرة من خلال سندات الخزينة، أو خط السيولة الذي منحها إياه صندوق النقد الدولي بشروط تفضيلية، لم تحصل عليها سوى ستِ دول عبر العالم، وهو النهج نفسه الذي سيحصل مع الاتحاد الأوروبي بعد قرار مفوضيته الأخير. وأوضح الخبير ذاته، أن قرار المفوضية الأوروبية الذي كان منتظرا بعد خطوة مجموعة (غافي)، سيوفر لبلادنا سيولة مالية ستمكن من تعزز الاستثمار، وتجعل المغرب قادراً على مواجهة تقلبات السوق الدولية وانعكاساتها، خاصة في ظل الأزمات المتعددة التي يمر بها العالم، سواء الجيوسياسية منها أو تلك التي تضرب سلاسل التوريد والإنتاج على المستوى الدولي. واستدرك الغنبوري، بأن المغرب كانت لديه قبل قراري المؤسستين المذكورتين، قوانين وتشريعات مهمة غير أنها كانت تعاني قصورا، تم تجاوزه بفضل إصلاحات بنيوية بتوجيهات من الملك محمد السادس، خاصة في النظام المالي للمملكة، وكذا عبر تشديد المراقبة على التدفقات المالية. وذكر المتحدث، بالزيارات الاستطلاعية التي قام بها مسؤولو (غافي) إلى المغرب، وما أسفرت عنه من قرار بالإجماع يخرج المغرب من المنطقة الرمادية في شهر فبراير المنقضي، وهو ما تكرس اليوم مع الاتحاد الأوروبي. وشدد على أن القدرة على بناء اقتصاد قوي تتطلب شفافية كبيرة، خاصة في ما يتعلق بحركية الأموال، وعدم استعمالها في ممارسات جنائية. وتوصلت المفوضية الأوروبية، إلى أنه "بالنظر إلى أن المغرب قد عزز فعالية نظامه لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتدارك الخصائص التقنية بكيفية تتيح الوفاء بالالتزام، الوارد ضمن خطة عمله، والذي يقتضي معالجة أوجه القصور الاستراتيجية المحددة من طرف غافي، فإن تقييم المفوضية للمعلومات المتاحة يقودها إلى استنتاج مفاده أن المغرب لم يعد يُظهر أوجه قصور في منظومته، وبالتالي يتعين حذفه من القائمة الرمادية". وكانت مجموعة العمل المالي (غافي)، نوهت بمظاهر التقدم النوعية التي أحرزها المغرب من حيث تحسين نظامه لمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مسجلة أن المملكة كانت قد وضعت الأطر القانونية والتنظيمية اللازمة للوفاء بالتزاماتها المتخذة ضمن خطة عملها. كما حافظت بلادنا في تصنيف وكالة "ستاندرد آند بورز" الأمريكية، على تصنيف ائتماني إيجابي ومستقرة، تترجمه درجة "''BB+/B"، مع نظرة مستقبلية "مستقرة". وهو ما يمهد الطريق لنمو أكثر شمولاً، مع زيادة الاستثمارات وخفض العجز بالمغرب.