ما زالت تداعيات قرار السلطات الجزائرية بإيقاف المبادلات مع الشركات الإسبانية متواصلة، فبعد الغضب الذي عبر عنه الاتحاد الأوروبي وتهديده باتخاذ إجراءات ضد السلطات الجزائرية، قامت عدد من الشركات الإسبانية التي تأثرت بالمقاطعة التي فرضتها الجزائر ردا على دعم بيدرو سانشيز للمبادرة المغربية للصحراء، أول أمس الإثنين بتأسيس جمعية، أطلقت عليها» جمعية شركات الأزمات مع الجزائر». وتعتزم هذه الجمعيات المضي قدما في الدفاع عن مصالحها من خلال المطالبة بتعويضات من الحكومة الإسبانية عن الأضرار المالية المترتبة عن إغلاق السوق الجزائرية، منذ يونيو 2022، أمام صادراتها، والتي قدر أصحابها خسائرهم من جراء المقاطعة الجزائرية بنحو 300 مليون يورو. وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن تأسيس الجمعية كان موضوع محادثات في فبراير بين الشركات الصغيرة، ضحية قرار السلطات الجزائرية بحرمانهم من بيع منتجاتهم في الجزائر. وبعد هذه الخطوة الأولى، تواصلت حكومة سانشيز مع المفوضية الأوروبية، بغرض إطلاق خطة مساعدة للشركات المتضررة من القرار الذي اتخذته الجزائر في 9 يونيو، والقاضي بتعليق جميع إجراءات توطين البنوك للاستيراد أو التصدير من وإلى إسبانيا. ومنذ بداية الأزمة، أبلغت الحكومة الإسبانية الاتحاد الأوروبي بأكثر من 150 حالة عرقلة، قامت بها السلطات الجزائرية ضد الشركات الإسبانية التي تصدر منتجاتها إلى السوق الجزائرية. وكانت هذه المقاطعة أهم موضوع في جدول أعمال الزيارة التي قام بها جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، إلى الجزائر يومي 12 و 13 مارس المنصرم .إلا أنه يبدو أن تلك الزيارة لم تؤت أكلها لثني الجزائر عن الاستمرار في محاولة ابتزازها لإسبانيا بشأن موقفها من تأييد للحكم الذاتي المغربي مقابل استمرار العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وفور عودته من هذه الزيارة ، ندد الاتحاد الأوروبي، بمناورات النظام الجزائري الذي جمد المبادلات التجارية مع إسبانيا من جانب واحد في كلا الاتجاهين منذ يونيو 2022، مؤكدا أن هذا الانتهاك من قبل الجزائر لاتفاقية الشراكة مع بروكسيل يضر بشكل كبير بالعلاقات بين الطرفين. وكان جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية، قد أكدا في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام إسبانية، أن الواردات من إسبانيا تم تعليقها عمليا بشكل كامل تقريبا، مما يضر على نحو كبير بالعلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي. وقال بوريل إن المأزق الحالي ليس في مصلحة أحد، وأضاف أنه يأمل بعد تبادل وجهات النظر، في إمكانية إيجاد حلول عملية للخروج من هذه الوضعية. وأكدت المفوضية الأوروبية أنها مستعدة لاتخاذ إجراءات ضد انتهاك الجزائر لاتفاقية الشراكة المبرمة مع بروكسيل، من خلال مضيها في وقف العمليات التجارية مع إسبانيا من جانب واحد في كلا الاتجاهين، وذلك منذ يونيو الماضي. ومن جانبها، كانت ميريام غارسيا فيرير، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للتجارة، قد أكدت في تصريح أدلت به لوكالة الأنباء الإسبانية يوروبا بريس، أن السياسة التجارية هي اختصاص حصري للاتحاد الأوروبي، ومن ثم، فإن بروكسيل مستعدة لاتخاذ إجراءات ضد أي إجراء يتم تطبيقه ضد دولة عضو، في إشارة إلى حالة الجزائر. وسجلت غارسيا فيرير أن المفوضية الأوروبية أبدت، منذ شهر يونيو الماضي، مخاوفها بانتظام بشأن التداعيات التجارية لقرار الجزائر، لاسيما الشحنات الموقوفة القادمة من إسبانيا. وفي هذا السياق، أشارت إلى أن بروكسيل ستواصل التنسيق مع الحكومة الإسبانية بشأن هذه القضية وستقيم تداعيات القيود التجارية التي قد تتعارض مع اتفاقية الشراكة القائمة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر. وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية إن الاتحاد سيواصل أيضا استكشاف جميع الوسائل الممكنة، بما في ذلك على المستوى السياسي، قصد بحث الحواجز التجارية الجزائرية. وجاءت تدابير إيقاف المبادلات من جانب الجزائر كمحاولة لابتزاز إسبانيا في أعقاب الإعلان الصادر في 8 يونيو بشأن تعليق معاهدة الصداقة مع إسبانيا، احتجاجا على الموقف الإسباني الداعم لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية؛ وهو ما وصفته إسبانيا بأنه تدخل في شؤونها الداخلية والسيادية.