تستهل نائب الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، يومه الأحد 26 مارس، جولة تستغرق أسبوعاً، تشمل زيارة 3 دول أفريقية، هي غانا، وتنزانيا، وزامبيا؛ بهدف تعميق وإعادة تأطير العلاقات الأمريكية الأفريقية، وسط مساعٍ بحسب خبراء ترمي إلى تعزيز النفوذ الأمريكي في القارة السمراء، ومنافسة التغلغل الروسي الصيني في أفريقيا. تأتي الجولة، وهي أحدث وأعلى تواصل من نوعه، من جانب إدارة بايدن، في الوقت الذي تتحرك فيه لمواجهة نفوذ الصين المتنامي في القارة. وتخطط هاريس، خلال الزيارة، للتركيز على قضايا التنمية الاقتصادية، وتغيّر المناخ، والأمن الغذائي، والمتوسط العمري الصغير لسكان القارة. في السياق، قالت خبير الشؤون الأفريقية في مجلس العلاقات الخارجية، سفير الولاياتالمتحدة السابقة لدى بوتسوانا، ميشيل غافين، إنه «لفترة طويلة، تعاملت مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية مع أفريقيا وكأنها نوع من مشروعات الائتمان الإضافي، وليست جزءاً من المناهج الدراسية الأساسية. أرى مجهوداً كبيراً لتغيير هذا التفكير الآن. لكن الأمر يستغرق وقتاً». فيما صرحت مدير مركز الديمقراطية والتنمية في أبوجا بنيجيريا، عيادات حسن «الجميع متحمس بشأن كامالا هاريس. يمكنك أن تكون أي شيء يخطر ببالك، وهذا ما تمثله لكثيرين منا». وبحسب مراقبين، فقدت الولاياتالمتحدة نفوذها في أفريقيا لمصلحة منافسيها الرئيسيين، روسياوالصين، فيما بدأ على ما يبدو وكأنه حرب باردة جديدة، لذا تكثّف إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن حملة تهدف إلى تعزيز النفوذ الأمريكي في القارة السمراء، وفق ما ذكرت مراسل وكالة «بلومبيرغ» للأنباء لدى البيت الأبيض، أكايلا جاردنر. وفي إطار هذه الحملة الأمريكية، تأتي جولة كامالا رايس، في أعقاب زيارة كل من: وزير الخزانة، جانيت يلين، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن للمنطقة أخيراً. وكان الرئيس بايدن قد تعهد لقادة أفريقيا، خلال قمة عقدت في ديسمبر الماضي، بتقديم حزمة مساعدات للقارة بقيمة 55 مليار دولار. ونوّهت جاردنر في تحليل نشرته «بلومبيرغ»، بأن السعي للتواصل مع دول القارة الغنية بالمعادن، يأتي في الوقت الذي أدت فيه الحرب الروسية الأوكرانية، فضلاً عن المواجهة المتزايدة بين الولاياتالمتحدةوالصين، إلى زعزعة الدبلوماسية العالمية. إذ يسعى الطرفان إلى كسب ود الدول غير المنحازة في مناطق، مثل أفريقيا. ووفقاً لخبراء، فإنه من المرجح أن ما يمثل قلقاً أكبر لهاريس وزملائها في الإدارة الأمريكية، هو التنافس الاقتصادي مع الصين، التي تعد حتى الآن أكبر شريك تجاري لأفريقيا. حيث من المتوقع أن يفوق حجم التجارة بين الجانبين 260 مليار دولار خلال العام الجاري. كما يتضمن التنافس الأمريكي الصيني سباقاً للحصول على المعادن المهمة للغاية بالنسبة للطاقة الخضراء، إذ تمتلك أفريقيا بعضاً من أكبر الإمدادات في العالم. وتشير جاردنر إلى أن كاميرون هودسون، أحد كبار الباحثين في برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قال إن المسؤولين الأمريكيين «لن يقولوا إنهم في تنافس مع الصين أو روسيا في أفريقيا»، مضيفاً، رغم ذلك، إنه «من الواضح أنهم يستغلون هذه الزيارات لإظهار الفارق الواضح بين أسلوب واشنطن» وأساليب منافسيها. وهناك أيضاً دبلوماسية الديون، إذ تشمل جولة هاريس غانا وزامبيا، اللتين تعثرتا في سداد الديون منذ انتشار جائحة «كوفيد 19». وتسعى الدولتان إلى إعادة هيكلة الديون. بينما أعربت الولاياتالمتحدة، وحلفاؤها، على مدار شهور، عن شعورهم بالإحباط إزاء موقف بكين بشأن اتفاقيات تخفيف عبء الديون بالنسبة لبعض أفقر الدول في العالم. فقد أوقفت الصين، أكبر دائن للدول النامية في أنحاء العالم العملية (K) في العديد من الدول، خشية أن تُرسخ سابقة بإجراء تخفيضات مباشرة على قروضها. وأوضحت جاردنر أن الولاياتالمتحدة تدعم المزيد من الإقراض الغربي لأفريقيا، شمل الالتزام بتقديم 55 مليار دولار على مدى 3 سنوات، الذي أعلنه بايدن في القمة الأمريكية الأفريقية، التي كانت الأولى منذ عام 2014، مبلغ 21 مليار دولار كقروض للدول المنخفضة والمتوسطة الدخل عن طريق صندوق النقد الدولي. ولفتت جاردنر إلى أن الولاياتالمتحدة تسعى بقوة للتحول إلى الطاقة النظيفة، ولدى الدول الأفريقية بعض المعادن الحيوية بالنسبة للتكنولوجيات الناشئة، مثل: الليثيوم والكوبالت، التي تستخدم لإنتاج البطاريات للسيارات الكهربائية. وألمح المسؤولون إلى أن مجموعة «فاغنر» قد تقوم بدور في نقل تلك السلع الرئيسة إلى روسيا.