تعاني صحافياتٌ مغربيات كثيرات، وِفقَ مصادر عديدة، من وقوعهنّ ضحيةَ سلوكات مسيئة داخل الوسط المهني. هذه الممارسات التي تطالهن فقط لأنهن إناث، أي بسبب نوعهن الاجتماعي، قد تصل حدَّ التحرش بهؤلاء من طرف رؤسائهن في العمل أو زملائهن في غرف التحرير. لهذا وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تستحضر ورقة التوصية السياسية هاته، معطياتٍ حول واقع الصحافيات المغربيات المتردي، خاصة في المقاولات الإلكترونية، لأنها الأكثر هشاشة، مع أخذ شهادات وآراء تطالب بضرورة تعديل هذا الوضع غير اللائق بنون النسوة في مهنة المتاعب.
منذ سنواتٍ طويلة، والحديث جارٍ عن الدور السلبي الذي يلعبه الموروث الثقافي السائد في مجتمعاتنا العربية ضد تطور المرأة وتقدمها. والمغرب بدوره، وإنْ كان قطع أشواطاً في محاولة التمكين للنساء، فإن ذلك يبقى غير كافٍ على عدة مستويات وفي شتى المجالات ومنها المجال الصحافي. فمن المفارقة، أن المرأة الصحافية التي تتخندق مع زميلها الرجل في خندق تنوير الرأي العام وتأطيره والدفاع عن الحقوق والحريات، تعاني من واقع مهني غير مناسب، وفق ما تؤكده عدة دراسات. يقول الناشط الحقوقي، أحمد عصيد، إن التصور السائد حول المرأة في المغرب هو أنها كائن غير قائم الذات، وإنما مرتبط بتكوين أسرة وأبناء، مضيفا في مداخلة بمؤسسة الفقيه التطواني بسلا يوم 16/06/2023، أن معضلة الثقافة السائدة لا تساعد على ترسيخ ثقافة حقوق المرأة في المجتمع. ويمكن في هذا الإطار، الاستشهاد بنتائج دراسة معنونة ب"مقاربة النوع الاجتماعي بالمقاولات الصحافية بالمغرب وحماية الصحافيات"، قدمها المنتدى المغربي للصحافيين الشباب يوم 20 يناير 2023 في الرباط، ممّا جاء فيها أن نسبة 62.1 بالمائة من الصحافيات، يؤكدنَ وجودَ فرق في تقدير الأداء والمجهود بين الصحافي والصحافية على المستوى المادي، و53 بالمائة من هؤلاء يشددن على وجود فرق في الأجور بين الصحافية والصحافي بالمقاولة نفسها. كما أن نسبة 57,6 بالمائة من الصحافيات المشاركات في الدراسة عينها، أفدن بأن إدارة المؤسسة الإعلامية التي يشتغلن بها لا تُراعي احتياجات النساء وخصوصيتهن في العمل. أكثر من ذلك، كشفت 43.9 بالمائة من الصحافيات المستجوبات عن تعرضهن للتحرش داخل مقر العمل. عِلماً، أن أغلب هذه المشاكل يتم رصدها ضمن الصحافة المكتوبة، ورقية وإلكترونية، خاصة الإلكترونية إذ إن عدد الحاصلات على البطاقة المهنية فيها تجاوز 259 من مجمل 953 صحافية مهنية في المغرب. من ثمّة، فورقة التوصية السياسية هاته، موجهة بالأساس إلى أرباب المقاولات الصحافية والمسؤولين عن تسييرها وتدبيرها، وكذا إلى الصحافيين العاملين فيها. والهدفُ الرئيسُ، هو حث بعض هؤلاء على تغيير سلوكهم تجاه الصحافيات العاملات في هذه المقاولات، وذلك بما يراعي كرامة المرأة أولاً، وخصوصيتها في وسط الممارسة الصحافية المهنية ثانياً. شهادات توحدها المعاناة.. مما سجلته دراسة الهيئة المغربية للصحافيات الشابات، التي استشهدنا بها، أن جل الصحافيات ضحايا التحرش لا يُبلّغن عنه. والمسوّغ دائما، هو الخوف على سمعتهن، وكذا التوجس من فقدان فرصة شغل محتملة لهذا السبب. لكن صحافيات عديدات، يؤكدن وقوعهن ضحية للتحرش والمضايقات في مقر العمل..