جمعية المحامين تبدي ترحيبها بالوساطة من أجل الحوار‬    الملكية بين "نخبة فرنسا" والنخبة الوطنية الجديدة    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع محضر تسوية مع الحكومة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    كيوسك الجمعة | تفاصيل مشروع قانون نقل مهام "كنوبس" إلى الضمان الاجتماعي    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    المدير العام لوكالة التنمية الفرنسية في زيارة إلى العيون والداخلة لإطلاق استثمارات في الصحراء المغربية    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    هذا ما حدث لمشجعين إسر ائيليين بعد انتهاء مباراة في كرة القدم بأمستردام    تفاصيل قانون دمج صندوق "كنوبس" مع "الضمان الاجتماعي"    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    "الخارجية" تعلن استراتيجية 2025 من أجل "دبلوماسية استباقية"... 7 محاور و5 إمكانات متاحة (تقرير)    بالفيديو: يوسف النصيري يهز شباك ألكمار بهدف رائع في "اليوروباليغ"    هذه لائحة 26 لاعبا الذين استدعاهم الركراكي لمباراتي الغابون وليسوتو    الكعبي يشعل المدرجات بهدف رائع أمام رينجرز في "اليوروباليغ" (فيديو)    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    عودة جاريد كوشنر إلى البيت الأبيض.. صهر كوشنير الذي قد يسعى إلى الإغلاق النهائي لملف الصحراء المغربية    الشبري نائبا لرئيس الجمع العام السنوي لإيكوموس في البرازيل    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    المغرب يمنح الضوء الأخضر للبرازيل لتصدير زيت الزيتون في ظل أزمة إنتاج محلية    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    إحصاء سكان إقليم الجديدة حسب كل جماعة.. اليكم اللائحة الكاملة ل27 جماعة        هذه حقيقة الربط الجوي للداخلة بمدريد    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    الخطاب الملكي: خارطة طريق لتعزيز دور الجالية في التنمية الاقتصادية    ‬‮«‬بسيكوجغرافيا‮»‬ ‬المنفذ ‬إلى ‬الأطلسي‮:‬ ‬بين ‬الجغرافيا ‬السياسية ‬والتحليل ‬النفسي‮!‬    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام العربي المعاصر قراءة الواقع واستشفاف المستقبل
انعكاسات السياسة الأمريكية في المنطقة العربية
نشر في العلم يوم 11 - 12 - 2009

في هذه المرحلة العسيرة من حياة العرب، حين تزداد المعاناة ويتعاظم القهر وتسحق الآمال وتفكك الأواصر وتسجن الحرية وتنهب الثروات ويضيع الحق ويُعتدى على الأرض ويُشتّت الناس بفعل عدوّ ظالم وتضيع الحدود بين الخطأ والصواب وبين العدل والظلم وبين الكرامة والمذلة وبين السيادة والعدوان، في هذه المرحلة يقف المواطن في الوطن الكبير من مشرقه إلى مغربه متسائلا إلى أين تسير هذه الأمة؟ وما المصير؟ هل من القدر الذي لا يكسر أن تبقى الأمة العربية في حالة من الضياع بين تاريخ زاهر في مرحلة من مراحل حياتها وبين حاضر مذل؟
هل الهيمنة الأجنبية قدر؟ وهل الاستبداد والظلم قدر لا راد له؟ وهل يستطيع العرب أمة أو شعوبا الاستمرار في قبول الأوضاع السائدة التي تغلق فيها أبواب الأمل بفعل هيمنة خارجية وتسلط داخلي؟
في هذه المرحلة المظلمة من تاريخنا، حين هجر الكثيرون أمتهم إلى المجهول وإلى عالم الضياع وارتضوا أن يكونوا عوناً لأعدائهم على أمتهم يفرطون بالحق ويتنازلون عن الأرض ويقبلون الهيمنة الأجنبية، في هذه المرحلة يصبح من حق، بل من واجب كل عربي أن يتساءل: متى تنتهي المحنة؟ وكيف؟«
بهذه الكلمات الجريحة الغيورة افتتح عبد الحليم خدام مقدمة كتابه »النظام العربي المعاصر، قراءة الواقع واستشفاف المستقبل« (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء بيروت، الطبعة الأولى 2003) ، وهو يحاول الإجابة عن تلك الأسئلة من منطلق دراسة وتحليل الأسباب التي أدت إلى ما عاشته الأمّة العربية في هذا العصر من وقائع وأحداث، واستخلاص ما يمكن أن يفيد أجيالها وهي تتلمس طريقها نحو المستقبل.
الاستراتيجية الأمريكية تجاه العرب
يعرض المؤلف موقع العرب في استراتيجية القوتين العظميين وبالتالي استراتيجية الكتلتين المتصارعتين في ظل النظام الدولي الذي انتهى بانتهاء الاتحاد السوفياتي لتحديد عوامل الضعف والقوة، واختيار الطريق لبناء نظام عربي جديد ولا سيما في ظل الأوضاع الدولية الرّاهنة وافتقاد العالم الاستقرار والعدالة والأمن.
قبل الحرب العالمية الثانية كان الاهتمام بالوطن العربي مركزاً في الدول الغربية الأربع، بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، مع طموحات لدى الاتحاد السوفياتي في أن يكون له صلة بالمنطقة تحقق له في النهاية الوصول إلى المياه الدافئة، وهو حلم طالما راود أفكار القياصرة الروس. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وتولي الولايات المتحدة مركز القيادة في العالم الغربي في مواجهة الاتحاد السوفياتي، ومع نمو المصالح النفطية الأمريكية في الشرق الأوسط، في إيران والخليج، أخذ الوطن العربي يحتل موقعاً مهماً في استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية.
ولم تبرز الولايات المتحدة كمنافس لشريكتيها الأوروبيتين، فرنسا وبريطانيا، إلا في مرحلة لاحقة بعد قيام الدولتين وإسرائيل بالعدوان على مصر عام 1956كانت الدعوة إلى قيام الوحدة العربية وإلى بناء نظام عربي جديد يصل بالعرب إلى تحقيق وحدتهم وتكامل طاقاتهم وتوظيفها بالاتجاه الصحيح الذي يخدم مصالحهم، تشكل مصدر القلق الحقيقي بالنسبة إلى دول المغرب.
وفي هذا الصدد يؤكد المؤلف أن وعي العرب لهويتهم ولمسؤولياتهم القومية »وهي مسؤوليات تاريخية« تضعهم وجهاً لوجه أمام حتمية العمل لتحرير الإرادة أولاً وانتهاج الطريق الذي يؤدي الى استعادة سيطرتهم وسيادتهم على وطنهم ومواردهم ليصبحوا شركاء في تحديد مصير العالم، شركاء متساوين في الحقوق والواجبات، لذلك فقد كانت الجهود تبذل منذ مطلع هذا القرن لامتصاص توتر المشاعر القومية من خلال زرع التناقضات بين العرب، وخلق الخوف بعضهم من بعض، والشكوك بعضهم ببعض.
إنّ تعامل الأجنبي مع وطن ممزق، وحكومات متناقضة ضعيفة لأسهل بكثير من التعامل مع وطن موحد ، ونظام سياسي قوي، ذلك أن الضعيف سهل المنال.
ولقد تحوّل الصّراع في المنطقة من صراع بين القوى القومية ضد الاستعمار والنفوذ الأجنبي إلى صراع بين أطراف هذه القوى نفسها، مما فتح الطريق أمام الاتجاهات المرتبطة بالمصالح الأجنبية للتسلل إلى كلا الجانبين، والعمل على زيادة التناقضات من جهة، وتوظيفها لمصلحة استراتيجية الولايات المتحدة من جهة ثانية.
ومما لاشك فيه أن تلك التطورات أثلجت صدور جميع الذين كانوا يرون في التوجه الوحدوي خطراً على مصالحهم.
ولخّص المؤلّف انعكاسات السياسة الأمريكية في المنطقة في عقد التسعينيات بما يلي:
1 ازدياد المكاسب الإسرائيلية عبر زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل والدعم الاقتصادي والسياسي والأمني وازدياد دور المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة.
2 زيادة الضغوط الأمريكية على العرب لعقد صلح مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها وحققت هذه الضغوط نتائج هامة.
3 الهيمنة على القرار السياسي في عدد من الدول العربية وانعكس ذلك في وقف المقاطعة من قبل عدد من الدول العربية لإسرائيل، وإقامة علاقات معها وما آل إليه إعلان دمشق الذي تم التوصل إليه بين الدول العربية الخليجية الست وكل من مصر وسورية عام 1991 ، الذي تلاشى رويدا رويدا حتى تعطلت الالتزامات الخليجية تجاه سورية ومصر.
بعد تفجيرات سبتمبر 2001
وكان الحدث الأكثر خطورة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والذي أحدث تغييرات جذرية في سياساتها واستراتيجياتها الوطنية والدولية أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
ولقد هدفت استراتيجية الولايات المتحدة بعد أحداث سبتمبر إلى تحقيق ما يلي:
1 حماية المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة.
2 إحكام السيطرة الأمريكية على المناطق الحساسة في العالم ذات الموارد الطبيعية الأساسية كالنفط أو تلك التي تقع في مناطق محاذية لدول كبرى كالصين وروسيا.
3 إعادة رسم الخريطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لعدد من مناطق العالم ذات الصلة بالمصالح الأمريكية.
4 اعتبار إسرائيل جزءاً من المصالح الحيوية الأمريكية التي يجب حمايتها والدفاع عنها وتمكينها من إحكام سيطرتها بغض النظر عن أيّ اعتبار لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، ذلك أن لإسرائيل دوراً في سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وما وراءه، بالإضافة الى الاستخدام الناجح للمنظمات اليهودية في العالم لخدمة المصالح الأمريكية وكان الأكثر وضوحاً دور هذه المنظمات في تفكيك الاتحاد السوفياتي.
5 إزالة جميع العقبات التي تعترض سياساتها ومصالحها أو مصالح إسرائيل بالضغوط السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
ومن الملفت أنّ الإدارة الأمريكية رغم تعميم حربها ضد الإرهاب ركزت على المنظمات الأصولية الإسلامية بغض النظر عن كون هذه المنظمات لا علاقة لها بأحداث سبتمبر ولم تكن لها سابقة، باستخدام العنف في الوقت الذي تنشط فيه منظمات تجارة المخدرات والمنظمات الثورية في كولومبيا، بالإضافة الى عدد من المنظمات المتطرفة والمتعصبة في الولايات المتحدة نفسها.
ولاشك أنّ التركيز على الشرق الأوسط كان في مقدمة الاهتمامات الأمريكية ولا سيما بعد تصاعد المقاومة المسلحة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي واستقطاب هذه المقاومة للرأي العام العربي الذي أعلن بوضوح من خلال مسيراته ومظاهراته دعمه المطلق للمقاومة ضد الاحتلال ووقوفه ضد إسرائيل محمّلا الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية العدوان الإسرائيلي على الأمة العربية ورافضا في الوقت نفسه السياسة الأمريكية تجاه العراق.
إن السياسة الأمريكية والشرق أوسطية باتت واضحة لا تحتاج إلى استنتاجات واستيضاحات، ولكن غير الواضح بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ومن يساند سياساتها من العرب وغيرهم هو مستقبل المنطقة، لأن الذين يتبعون طريق قهر الشعوب يجب أن يقرأوا التاريخ ، فالأمم مهما واجهت من الصعاب والأخطار ستتغلب بالنهاية على الصعاب وستتحرر من كل عوامل الضغط وتستعيد سيادتها وحقوقها.. ومن الصعب لقارئ التاريخ أو الذي عقل راجح أن يجد في ثنايا المستقبل نجاحاً للسياسة الأمريكية، ليس في الوطن العربي وإنما في العالم كله.
المشروع الصّهيوني
يسجل المؤلف بكل أسفٍ أنّ المشروع الصهيوني الذي حدد قواعده كل من اللود روتشيلد في رسالته إلى رئيس الحكومة البريطاني بالمرستون وكذلك إلى مؤتمر لندن الذي دعا إليه رئيس الحكومة البريطانية عام 1905، قد حقق الأهداف التي رسمت له وهي:
1 فصل عرب آسيا عن عرب إفريقيا ليس فقط فصلا ماديا عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، مما أبقى العرب في حالة من الضعف.
2 استمرار تجزئة الوطن العربي وإفشال جميع التوجهات الوحدوية إما بإسقاطها أو تفريغها من محتواها.
3 الحد من نهوض العرب ومنعهم من التقدم وامتلاك العلم والمعرفة وذلك من خلال سياسات الدول المتقدمة التي تمنع عن العرب وسائل ولوج العلم وامتلاك إمكانية تطويره والمساهمة في إنتاج المعرفة.
4 إن من أسباب حالات العداء والمنازعات الرئيسية بين الدول العربية الصراع مع إسرائيل والموقف من هذا الصراع ودور القوى الخارجية في دفع هذه الدولة أو تلك لاتباع سياسات تتعارض مع مواقف دول أخرى، مما يشكل سببا جوهريا للتواترات العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.