لبى داعي ربه المشمول بعفو الله ورحمته المجاهد الأستاذ عثمان جوريو بمدينة الرباط، وقد كان الفقيد من الرعيل الأول للحركة الوطنية المغربية الاستقلالية، إذ انخرط في العمل الوطني منذ شبابه المبكر وكان على صلة بالمرحوم الحاج أحمد بلافريج وبقادة الحركة في مدينة الرباط، وكان له دور مهم في توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال، كما عمل على كتابة عرائض مساندة هذه الوثيقة وجمع إمضاءات مختلف الشرائح الاجتماعية عليها، وقد كلفه ذلك مضايقة الاستعمارله . واشتغل بالعمل الاجتماعي والخيري وكان من أبرز العناصر في الجمعية الخيرية الإسلامية بالرباط كما كان رحمه الله من الرعيل الأول العاملين في مجال التعليم الحر حيث أسس مدرسة الرحمة كما كان لسنوات أستاذ بمدرسة «جسوس» وفي مدارس محمد الخامس حيث بقي يشتغل مربيا وموجها طيلة عقود وتخرجت على يديه مجموعة من الأطر في مختلف مجالات الإدارة والتعليم ببلادنا، وكانت مدارس محمد الخامس مركز استقطاب لمختلف التلاميذ من جهات ومدن متعددة من المغرب، إذ كانت قلعة من قلاع الحركة الوطنية لتكوين الناشئة وتوجيهها الوجهة الوطنية، وكان عمله في هذا التوجيه متميزا. كما عرف الحاج عثمان جوريو بقدرته على الارتجال شعرا ونثرا وكان شعره ونثره ميدانا لتسجيل الكثير من مناقب رجالات الحركة الوطنية الاستقلالية. فقد كان رحمه الله وفيا لأصدقائه ولزعماء الحركة في أدب وخلق عال، وتواضع في شموخ، وكان رحمه الله بمظهره الأنيق دليلا عما في أعماقه من حب الخير لوطنه ومواطنيه، فهو إنسان لا تسمع منه إلا كلمة طيبة وثناء على القادة الوطنيين جميعا مع وفائه لمبادئه الاستقلالية فكان لا يتغيب عن ذكرى أو اجتماع أو مؤتمر أو مجلس وطني لحزب الاستقلال. وقد عرف رحمه الله كيف يجمع بين مبادئه وقناعته واحترام المخالفين له في الرأي وكانت ابتسامته للجميع دليلا على احترامه للجميع في إيمان عميق بقيم الوطنية المغربية والمبادئ الاستقلالية التي نشأ عليها هو وإخوانه منذ البداية وربوا عليها الأجيال من بعد. وتشاء الأقدار أن تصادف وفاته ذكرى أحداث 8 دجنبر 1952 التي كان واحدا من بين المناضلين الذين طالهم النفي والاعتقال في هذه المعركة الوطنية الكبرى. وأمام هذا الرزء الجلل نتقدم بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى أرملة الفقيد الفاضلة لطيفة عاشور وأبنائه وبنتيه: سعيد و همام و محمد و عزيزة ووفاء وإلى آل جوريو وعاشور والحلو راجين للجميع الصبر والسلوان وللفقيد المغفرة والرضوان. إنا لله وانا إليه راجعون