أثار إقرار منع بناء المآذن في «سويسرا» في استفتاء شعبي ردود فعل غاضبة ليس من جانب المنظمات والبلدان الإسلامية فحسب، ولكن في أوروبا كذلك ومن قبل الفاتيكان. وأيّد «الفاتيكان» موقف الأساقفة السويسريين الذين اعتبروا حظر بناء المآذن «ضربة قاسية لحرية المعتقد» . وقد وجّه الاتحاد الأوروبي انتقادات شديدة لنتيجة الاستفتاء السويسري الذي رجح كفة منع بناء مآذن المساجد في البلاد. وقالت وزيرة العدل السويدية التي تترأس بلادها الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، «بياتريس أسك» على هامش اجتماع وزراء عدل وداخلية دول الاتحاد الأوروبي أومن بالحرية ولا أعتقد أن بوسعنا بناء أوروبا جديدة دون حق حرية التعبير». وعبر وزير الهجرة السويدي «توبياس بيلشتروم» عن صدمته من نتيجة الاستفتاء الشعبي السويسري وقال «أشعر بالمفاجأة وأعتقد أنه من الغريب بعض الشيء أن يتم اتخاذ قرار في هذا الشأن من خلال استفتاء» مشيرا إلى أن القرارات الخاصة بمثل هذه المسائل في «السويد» يتخذها المسؤولون عن تخطيط المدن. وردا على سؤال حول إمكانية اتخاذ قرار مشابه في «السويد» قال «بيلشتروم» «أعتقد أن هذا سيكون صعبا للغاية لأننا نحرص على الحق في حرية الديانة عندنا». كما قالت وزيرة الداخلية النمساوية «ماريا فيكتر» «نضمن في النمسا حرية الأديان والتي تشمل أيضا دور العبادة» مشيرة هي الأخرى إلى دور القائمين على تخطيط المدن في القرارات الخاصة بهذا الأمر. من جهتها قالت وزيرة العدل السويسرية «أفيلين فيمدمر شلومبف» التي شاركت في اللقاء المنعقد في «بروكسل» سأوضح أن الاستفتاء يسري على المآذن وليس على الجالية المسلمة بالطبع». « وأكدت الوزيرة أن بلادها «ما زالت مهتمة بالتعاون مع الديانات المختلفة» وبضمان السلام الديني مشددة في الوقت نفسه على أن الاستفتاء الذي أجري في بلادها «لا يمثل تصويتا ضد الإسلام». وتعقيبا على إمكانية تعرض سفارات «سويسرا» في بعض الدول لأعمال عنف على خلفية نتيجة هذا الاستفتاء قالت الوزيرة «من البديهي أن يتم العمل على اتخاذ التدابير الأمنية المناسبة في أعقاب مثل هذا التصويت الذي يلقى اهتماما أكبر من غيره» ولكنها أوضحت عدم وجود ما يشير إلى إمكانية تعرض منشآت سويسرية لمخاطر. في هذه الأثناء وصف بيان للمجلس الإسلامي البريطاني نتائج الاستفتاء بأنها تطور مأساوي ومؤسف. وقال البيان إن «طرح النظام السويسري مثل هذه القرارات على الشعب في استفتاء عام يكشف المدى الذي اكتسبه اليمين المتطرف والجماعات العنصرية في معركة الأفكار حول مستقبل أوروبا». كما اعتبر أن نتائج الاستفتاء السويسري تبين مدى وسرعة تحرك «أوروبا» في الاتجاه الخطأ في مواقفها وسياساتها تجاه المسلمين والأقليات الأخرى في أوروبا. وقال إن «المساجد والمآذن في مدننا الأوروبية هي مظاهر للطبيعة الأصلية التي يُفتخر بها للإسلام في أوروبا، وإنه لأمر مأساوي أن يعمد اليمين المتطرف إلى إزالة صور تراثنا اللامع حول التعايش بين الأديان». كما حذّر المجلس الإسلامي البريطاني من أن تزايد التحامل على المسلمين الذي صاحب حملة المعارضة السويسرية سيفاقم مخاوفهم. ورأى أيضا أن «نتائج الاستفتاء تضع سابقة خطيرة تدعو المسلمين وغيرهم إلى تكثيف العمل والتحرك ضد الأفكار السامة التي يروّجها اليمين المتطرف». كما أعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه حيال عواقب إقرار التشريع. بدورها أيضا عبرت «منظمة العفو الدولية» عن صدمتها لإقرار حظر المآذن، محملةً الحكومة والبرلمان السويسريين لمسؤولية عن ذلك «لكونهما سمحا منذ البداية بإجراء هذا الاستفتاء العنصري التمييزي المخالف للدستور»؛ خاصة أنه ما زال مسموحا ببناء أبراج الكنائس. وفي نفس الوقت طالبت المنظمة الدولية في بيان كلا من «المحكمة الفيدرالية السويسرية» و»المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان» بإبطال هذه النتيجة التي «تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي سبق لسويسرا أن أقرتها، ومنها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكفل الحرية الدينية». وفي «فرنسا» قال وزير الخارجية الفرنسي، «برنار كوشنير»، إنه «صدم» بتصويت السويسريين لصالح حظر المآذن، معتبرا أن هذا الأمر «يعبر عن عدم التسامح». وقال الوزير الفرنسي لإذاعة «أر تي إل»: «آمل أن يتراجع السويسريون عن هذا القرار بسرعة»، مؤكدا أن هذا التصويت يعني «قمعًا للديانة »الإسلامية« . وتعددت ردود الفعل الرافضة لنتيجة الاستفتاء من منظمات سويسرية كذلك، ومنها حزب «الخضر» الذي يعتزم الطعن بالنتيجة أمام «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان» في «ستراسبورغ» لما اعتبره «انتهاكا للحرية الدينية التي كفلتها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان». وسبق أن دعا الرئيس السويسري، «هانس رودولف ميرتس»، مواطنيه إلى رفض مبادرة حظر المآذن؛ للحفاظ على صورة سويسرا كبلد «متعدد الأديان»، ولمراعاة مشاعر المسلمين بسويسرا. وكان معلقو تلفزيون «سويسرا» وصفوا نتيجة الاستفتاء بأنها «مفاجأة كبرى» لتناقضها مع استطلاعات الرأي التي أشارت إلى أن نسبة كبيرة من الأصوات سترفض اقتراح اليمين.