الفوسفاط المغربي يدخل على خط الأزمة وروسيا مستعدة لتزويد المغرب وموقف أوكرانيا غامض لحد الآن تداعيات الأزمة التي تخيم على الأمن الغذائي خاصة بالنسبة للدول التي تعتمد على استيراد المواد الغذائية من الخارج باتت مؤكدة. مثلا في المغرب تجليات تلك الأزمة بدت واضحة للعيان في الأسواق والمتاجر وفي ظل الارتفاع المفاجئ والصاروخي للأسعار وإجراءات الحماية، بالرغم من أن الحكومة تبذل جهدا كبيرا لضمان وفرة القمح وخاصة القمح الرطب الذي يستخدم في تصنيع الدقيق، مع العلم أنه يتم توريد المغرب من أسواق مختلفة. ويغطي مخزون القمح الوطني ما يقرب من أربعة أشهر من الاستهلاك حسب ما أكده أخيرا الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، على أن المملكة تتوفر على مجموعة من الآليات لتجديد المخزون الوطني من القمح وتعزيزه في شتى المراحل، في ظل الارتفاع الذي تشهده أسعار هذه المادة في الأسواق العالمية، وذلك في سياق الظرفية الموسومة بالنزاع الروسي الأوكراني.
وفي هذا الإطار قررت روسيا ترك مجال تصدير القمح مع المغرب مفتوحا لتزويد المملكة من هذه المادة بمعدل 50 بالمائة من الاستهلاك الوطني، بينما مازال موقف أوكرانيا في هذا الصدد غير واضح، ويبقى السؤال، هل تستمر أوكرانيا في تصدير الحبوب إلى المغرب أم العكس، في حين هناك معطيات رسمية تؤكد أن الهند استثنت المغرب من بين الدول التي ستوقف صادراتها من الحبوب إليها. تمتيع المغرب بهذه الأفضلية مرده المبادلات التجارية التي تربطه بالهند خاصة المبادلات على مستوى الفوسفاط الذي يعتبر من المواد الأساسية التي تعتمدها الهند في زراعتها للحبوب.
التخوفات من انعكاسات هذه الأزمة انتشرت في أوساط المهنيين من تجار الجملة والتقسيط والوسطاء، خاصة المهنيين الساهرين على تلبية حاجيات المواطنين في ما يسميه المغارب ب"الرحبة". هؤلاء التجار متوجسون مما يخبؤه المستقبل القريب من مفاجآت، مؤكدين أن الغلاء والنذرة لم تمس مادة الحبوب فقط، بل عمت كل مواد العلف أيضا، كالشمندر والذرة وما يطلق عليه ب"النخالة الديب" و"الفصة الديب" والصوجة.
وفي اتصال مع أحد تجار الرحبة، قال إن جميع هذه المواد تستورد من الخارج، موضحا أن الزيادة في أسعار مواد العلف والقطاني تجاوزت نسبة 50 بالمائة، وقال إن الشمندر الذي كان سعره ما بين 2،20 و2،30 درهم للكيلغرام الواحد في الآيام القليلة الماضية، وصل سعره الآن 4،50 درهم، أما "النخالة الديب" التي كانت تباع ب 2،50 دراهم وصلت إلى 3،50 دراهم، والفصة انتقل ثمنها من 2،70 إلى 4،50 دراهم.
وأصاف المصدر ذاته أن توجسات المواطنين والمهنيين أيضا مردها النذرة والغلاء، معتبرا ان السنة الفلاحية متواضعة جدا بالرغم من أن المغرب يعتمد على استيراد هذه المواد خاصة القمح، وباعتباره من الحبوب الرئيسية في غذاء ملايين المواطنين ويقع في صلب نزاع في الأسواق العالمية التي هزتها الحرب في أوكرانيا وعواقبها.
الخبراء الدولين يعتبرون القمح من الحبوب الرئيسية في مجال الأمن الغذائي العالمي، يستهلكها ملايير البشر على شكل خبز أو دقيق أو سميد. بالإضافة إلى أنه يزداد إنتاج الذرة ولكنها تستخدم خصوصا لتغذية الحيوانات أو للاحتياجات الصناعية.
وبعيد ا عن الجانب الغذائي، يبقى القمح منتجا اجتماعيا إلى حد كبير، إذ يسمح بصنع طعام بتكلفة منخفضة، وغالبا ما يكون مدعوما. وعلاقة بهذه المادة، فإن أوكرانياوروسيا باتتا أكثر الدول المنتجة للقمح، وشكلت أوكرانيا في السنوات الأخيرة ما بين 12 إلى 13 % من إجمالي صادرات القمح العالمية.
التخوفات التي أعلن عنها التجار والمواطنون بسبب القلة والغلاء تضاف إليها فترات مناخية مقلقة، وموجات جفاف شديدة في جنوب حوض البحر المتوسط، وقلق في الولاياتالمتحدة وأوروبا، وتعاني الهند التي تمتعت بحصاد استثنائي السنة الماضية ومخزون سمح لها بطرح محاصيل إضافية في الأسواق من جفاف قاس ولن يمكنها من التصدير، رغم ذلك تواصل الأسعار ارتفاعها، علما أنها كانت مرتفعة قبل الحرب، حيث بلغ سعر القمح 440 يورو للطن.
في العلاقة بالحبوب دائما، فإن هناك شحنات تبلغ مئات آلاف الأطنان من القمح توقفت في ميناء هندي بعد القرار الذي أعلنته نيودلهي في نهاية الأسبوع الماضي القاضي بحظر تصدير هذه السلعة الغذائية، بسبب ارتفاع التضخم ولضمان أمنها الغذائي. وأمرت الهند، ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، التجار بعدم إبرام صفقات تصدير جديدة إلا بموافقة حكومية مسبقة.