ما علاقة غلاء الأسعار و مطالبة الحكومة بالرحيل، بالسرقة و السطو و النهب الذي تعرض له مواطنون بسطاء في إحدى الأسواق الأسبوعية بإقليم القنيطرة ؟ ما علاقة الموقف من المؤسسات و من القضايا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بالاعتداء على حقوق الآخرين وعلى ممتلكاتهم ؟ من المغالطة و التعتيم تغليف الجرائم التي اقترفها جناة حقيقيون في حق مواطنين بسطاء جاؤوا إلى سوق أسبوعي شعبي يعرضون سلعا بسيطة من خضر و فواكه و لحوم على أمل كسب بعض الدريهمات ،بالموقف من ارتفاع الأسعار و غلاء المعيشة ، و أن هؤلاء لم يجدوا بدا من اقتراف ما اقترفوه من جرائم حقيقية للاحتجاج على الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية ؟ لأن هذا الربط السطحي يمثل بحق تبريرا للطابع الإجرامي لما حدث ، و تسترا عن أفعال إجرامية حقيقية . و حتى القول بأن الأحداث اندلعت عقب مناوشات إثر تصرف معين من طرف أصحاب شاحنة كانت محملة بالطماطم لا يستقيم مع حجم ما حدث . لذلك كله و غيره كثير ، فإن السلطات المختصة مطالبة بفتح تحقيق جدي و مسؤول ، للكشف عن المعطيات الحقيقية لما حدث ، و أي شيء غير هذا فهو مغالطة و تعتيم و محاولة تحريف الوقائع .
نعم، إن النقاش في شأن ما حدث يجب أن ينفذ إلى العمق ، و يسائل إشكاليات حقيقية تهم أدوار الأسرة و المدرسة و الإعلام و المجتمع في تربية المواطن ، و في الحفاظ على قيم قوية ميزت المجتمع المغربي طوال قرون خلت . و كيف انتهى بنا المطاف إلى وجود مواطن يأكل لحم أخيه ببرودة و بنشوة .