ظاهرة غريبة أصبحت تسود المجتمع. وهي المتمثلة في الانتشار الفظيع للمشعوذين. من شوافات وعرافين و أصحاب السماوي. و أصحاب ا لأعشاب التقليدية الذين يبيعون الوهم. وفقهاء من درجة « اللقاشة « وغيرهم من أصحاب الشعوذة والدجل وقراءة الغيب والطالع... ومما زاد الظاهرة انتشارا هو الإقبال المتزايد على ممتهنيها للاطمئنان على المستقبل و « معرفة» ما تخفي الأيام في هذا العالم .. عادة ارتبطت بالتخلف الفكري والاجتماعي وحتى الاقتصادي. وتبدو النساء الأكثر إقبالا وتعلقا بالظاهرة.. إنها جوانب مخجلة تلك التي تجعل رؤوسنا تنحني انحناء الحقير الذليل.. و أمامها أصبح الدين مجرد صور و حركات لا غير قيم ضائعة تباع من أجل لقمة العيش. وفي الوقت الذي أصبحنا في أمس الحاجة إلى إصلاح ما اتلف. خاصة حين امتزج المسلمين بالمدنية الغربية. ولعل انتشار العرافين والعرافات بشكل ملفت للنظر من أبرز المظاهر التي تجعل عقولنا سابحة في فضاء اللامعقول، ضاربين عرض الحائط، وبكل وقاحة. ماجاء على لسان رسول الله صلوات الله عليه وسلامه في رواية ابن مسعود رضي الله عنه: « من أتى عرافة أو ساحرا. أو كاهنا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.» ولم يعد الأمر يقتصر على النساء اللاتي ألصقت بهن صفات «الجهل» والضعف والكيد، بل أصبح الرجال منافسين لهن في الميدان، فنرى السيارات الضخمة والفخمة والفارهة مصطفة طوابير، ينتظر أصحابها دورهم لقراءة الطالع في عدة أمكنة من المدينة ( وجدة) وبالسعيدية وبركان وحتى جرادة.. على مرأى الجهات المسؤولة، أضف إلى ذلك، فإن وسائلنا الإعلامية التي من المفروض ان تحارب هذه الظاهرة باعتبار دورها الإعلامي والتثقيفي، فإن الكثير منها يساهم في تشجيع هذه الآفة الاجتماعية ولو عن غير قصد، عن طريق عرض صور الشوافات والشوافين، وإشهار المشعوذين ممن يبيعون الوهم للناس، بطرق جذابة مرفوقة بأرقام الهاتف مما يؤثر على عقلية العديد من الشباب والنساء والفتيات، ويعطي مصداقية لبائعات الأحلام وبائعي الأوهام وكأن كل شيء عاد، فلا من يحمي المواطنين، من مثقفين و مسؤولين على أمنهم و سلامتهم، حتى المربين الذين ينورون العقول لا يهتمون بذريعة أن لا أحد تقوم بشكاية ، مع أن الفعل جناية يعاقب عليها القانون، لكن بعد وقوع الواقعة، في ظل هذا الميوع الفكري الخرافي، استقينا بعض الشهادات الحية: - السيد سعدية م. 41 سنة، متزوجة أم طفلة، ترعرعت في وسط اجتماعي تقليدي ومحافظ تقول « كانت خالتي رحمها الله ‘شوافة’ تبيع أحلام المستقبل لضحاياها عن طريق أوراق اللعب « الكارطا».. ومرة كنت أطل عليها وهي تستعد لاستقبال فريستها الجديدة رقم 11 خلال صبيحة يوم ما، كانت تتمعن في رسالة سلمتها لها إحدى وسيطاتها، ثم تركتها جانبا، وأذنت لزبونتها بالتفضل، فبسطت أوراق «الكارطا» على مائدة مستديرة قصيرة جدا، وشرعت في استعراض ما كتب على الرسالة، وهو الكلام الذي اكتشفته على الرسالة بعد خروجها من غرفة عملياتها الغيبية، سامحها الله خالتي... - وبعلمها هذا نالت ثقة جمهور غفير من النساء والرجال واشتهرت في وسطهم. -السيدة سليمة حك 32 سنة مطلقة بدون أطفال تشتغل أستاذة في حقل التعليم: هجرني زوجي بسبب «كزانة» و أعمال الدجل والشعوذة، كنت أتردد عليها كل أسبوع، لمعرفة طالعي وطالع زوجي الذي كان يتظاهر في معاملته معي بالقساوة، لا لأنه كان يكرهني، بل لأنه كان من هؤلاء الذين يحبون السيطرة على زوجاتهم. وقد أخبرتني « الكزانة» يوما أن زوجي يكرهني، لأنه يحب غيري، لم أصبر والحالة هذه، واجهته بذلك، وأصر على معرفة مصدره، و لأنني كنت أخافه، اعترفت له بالحقيقة، فاحتقرني وعيرني بالجهل والمشعوذة، واستمر النقاش حتى طلقني.. والسبب طبعا كزانة. - السيدة كريمة س 58 سنة، وزوجها عشاب تقليدي لا أنكر أنها حرفة تتعارض وديننا الحنيف، لكنها وسيلة العيش، أفضل من التشرد و ... نعم، نحن نخترع الأوهام ونبيعها بالمقابل، لكن ليس هناك قانون يمنعنا..، تلك شهادات صريحة لربات بيوت ضيعن مصيرهن داخل أسرهن بسبب إقبالهن على مظاهر الدجل والشعوذة، والأكثر من ذلك هناك من تلجأن إلى الفقهاء لتخطيط « لحروز» طلبا لسترضاء أزواجهن واستحسان معاشرتهن لهن، فيقبلن على تطبيق الوصفات الشيطانية لإصلاح ذات البين بينهن وأزواجهن، يطعمنهم السموم التي يصفها لهم الدجالون الذين لا يخافون الله، ويستعينون بكلامه عز وجل.. - لكن وكما جاء في القرآن العظيم « لا يفلح الساحر حيث أتى»