الحكومة الإسبانية تستعد للمصادقة على خطة أمنية شاملة للسليبتين سبتة ومليلية كشف «معهد الأمن والثقافة» الاسباني، «Instituto de Seguridad y Cultura» عن سر يتعلق باستراتيجية جديدة للدفاع الوطني الإسباني في تقريره الأخير الذي اتهم فيه المغرب وقدمه على أنه عنصر تهديد للقارة العجوز، معلنا أن هذه الاستراتيجية الجديدة، سيصادق عليها مجلس الوزراء الإسباني في الأيام القليلة القادمة من دجنبر الجاري. وأوضح أن هذه الاستراتيجية تنص على خطة أمنية شاملة للمدينتين السليبتين «سبتة ومليلية»، وأنها إستراتيجية قادرة على التصدي لما وصفه بالضغط المغربي المتزايد من خلال ما سماه بالاستراتيجيات الهجينة.
وبكيفية مغرضة ومبيتة تحاملت هذه المؤسسة الإسبانية المختصة على المغرب ، بمبرر أنها تنبه السلطات الإسبانية والأوروبية إلى ما وصفته ب «التهديد الهجين». وقال هذا المعهد إنه يكشف عن النوايا الحقيقية للمغرب بالرغم من أن تقريره يعترف، من تحت السطور، بأن المغرب ليس لديه نية خوض نزاع مسلح مع اسبانيا، في نفس الوقت يروج لفكرة مفادها أن المملكة المغربية ترسم استراتيجية قد تؤدي إلى حرب غير معلنة. ومن ثم يضع هذا المعهد المغرب في المشهد الإعلامي على قدم المساواة مع روسيا ، التي يتهمها الاتحاد الأوروبي في أغلب الأحيان بشن هذا النوع من «الحروب» ، خاصة في أوروبا الشرقية.
مصادر وثيقة الإطلاع أكدت أن هذا التقرير، وعلى ضوء ردود الفعل التي أثارها في الصحافة الإسبانية، ويهدف هذا المعهد إلى التأثير على الحكومة الإسبانية، لدعم تحامله على المغرب. واعتمد مؤلفو التقرير على ما يسمى بنظرية «المنطقة الرمادية»، التي يرون أنها البديل عن الاستراتيجيات الهجينة على الرغم من أنها، باعترافهم، لا تنطوي على أي لجوء إلى العمل العسكري.
وحسب تقرير هذا المعهد فإن المنطقة الرمادية تتميز عن الحرب الهجينة لسبب بسيط هو بأنها ليست حربًا. وبالتالي فالمنطقة الرمادية بالنسبة للدولة التي تعتمدها لا تثير أي رد فعل عسكري من شأنه أن يؤدي إلى نزاع مسلح.
ويضيف تقرير معهد الأمن والثقافة الاسباني، أن الغرض من التموقع في المنطقة الرمادية يكون بهدف فرض تغيير في الوضع الراهن بين دولتين، مع مطالب يمكن أن تشعل فتيل العلاقات العدائية. وبالتالي فإن المنطقة الرمادية تهدف إلى تحقيق غايات مماثلة لتلك الخاصة بالحرب.
كما تتميز استراتيجية المنطقة الرمادية، بحسب مؤلفي التقرير، بغموض الإجراءات التي تتخذها الدولة والتي تقودها إلى تحقيق غاياتها. فضلا عن أن هذا الغموض يجعل من الصعب إثبات مسؤولية الدولة التي تروج لمثل هذه الأفعال.
وتتضح استراتيجية المنطقة الرمادية هذه تدريجيا، على أربعة مستويات من التصعيد، وهي التكييف البيئي، والتدخل، وزعزعة الاستقرار، وأخيراً الاستخدام المحدود والمباشر للقوة. ويتوهم مؤلفو هذا التقرير أن المغرب قد استخدم هذه الأساليب في الماضي، وبحسبهم، فإن المسيرة الخضراء زعزعت الاستقرار في المنطقة ، بينما يمثل الصراع على جزيرة ليلى شكلاً من أشكال التدخل لإسبانيا.
واتهم المعهد ذاته المغرب بممارسة الضغط على المدينتين السليبتين وخنقهما اقتصاديا، بهدف إضعافهما لدرجة أن سكانهما، وكذلك الدولة الإسبانية، توصلوا إلى استنتاج مفاده أن الإبقاء على هذا الوضع إلى أجل غير مسمى غير عملي، لأنه مكلف للغاية.
واعتبر المصدر ذاته قرار السلطات المغربية إغلاق الحدود التجارية، عبر مليلية المحتلة، أحادي الجانب دون استشارة الحكومة الإسبانية، وكانت له عواقب وخيمة على اقتصاد هذه المدينة، وهناك أيضا إشارة إلى تشديد مكافحة التهريب منذ سنة 2019 على حدود سبتة السليبة. وعلى الرغم من اعتراف المؤلفين لهذا التقرير على أن هذا القرار شرعي بالنسبة للمغرب، إلا أنهم يأسفون لأن اتخاذه تم بشكل مفاجئ .