لقد شكل خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، حدثا تاريخيا متميزا بكل المقاييس، ونقطة تحول هامة في طبيعة التعاطي مع ملف وحدتنا الترابية، بشكل حازم وحاسم، وبصراحة قوية غير مسبوقة، مما يجعله في الواقع خطاب الفصل والوضوح، الذي يدشن فتح ورش جديد، ضمن سلسلة الأوراش الكبرى التي تعرفها البلاد في مختلف القطاعات، ليكون هذا ورش تحصين الوحدة الترابيةللحد من الأوهام التي قد تراود البعض، وما قد يترتب عنها من انزلاقات، وتأويلات مغرضة، إذ تضمن الخطاب السامي العديد من الرسائل السياسية، والتنموية، والاجتماعية، لكل الجهات المعنية والمهتمة والمتتبعة لملف وحدتنا الترابية في كل ابعاده، في الداخل وفي محيطنا الاقليمي والقاري والدولي. كما أعطى دفعة قوية للتأكيد على تمسك بلادنا الراسخ بالمكتسبات الوطنية، والتوجه الديمقراطي تحت سقف احترام حقوق الوطن، والالتزام بقيم المواطنة، دونما سماح لأي كان باستغلال مناخ الحرية لمحاولة تجاوز هذه الخطوط الحمراء، والتصرف وفق أجندات خارجية مناوئة لبلادنا، تحت غطاء حرية التعبير وحقوق الإنسان وتسعى إلى التشويش على روح الاجماع الوطني، ومحاولة اختراق الجبهة الداخلية المعبأة خلف جلالة الملك، لصيانة الوحدة الوطنية والترابية، باعتبار قضية الصحراء قضية مصيرية للشعب المغربي الملتف حول عرشه المؤتمن على سيادته ووحدته». وفي هذا السياق ركز جلالته على ضرورة وعي الجميع بحتمية مراعاة المفهوم الحقيقي لروح المواطنة والتقيد بما يفرضه من عدم ازدواجية الولاءات وتنافيه مع وضع منزلة بين المنزلتين. وفيما يخص التوتر المفتعل بمنطقتنا، جدد جلالة الملك وضعه في إطاره الصحيح، وهو التأكيد على أن الجزائر هي الطرف الأول والخصم الحقيقي لبلادنا في هذا الصراع الذي تتحمل هذه الدولة الشقيقة خطيئة هندسته وصنعه، وعلى الحاكمين بها وزر تعهد أسباب استمراره، وعرقلة المساعى الأممية الهادفة إلى إنهائه، والتي تعاطت معها بلادنا بإيجابية، فتسببت الجزائر بذلك في تشتيت الأسر والقبائل وإطالة معاناة إخواننا المحتجزين بمخيمات لحمادة. وجعل المنطقة ساحة للعديد من الظواهر السلبية التي يدينها المنتظم الدولي.