لا يحتاج حدث زيارة وزير الخارجية الجزائري السيد صبري بوقدوم، إلى جنوب إفريقيا لجهد كبير لوضعها في سياقها الحقيقي، وإلى فهمها في إطار هذا السياق. وإن روج لها الإعلام الجزائري بعبارات فضفاضة إلا أنه لم يجد بدا من الكشف عن خلفياتها الحقيقية حينما نقل ما تضمنه البيان الرسمي المتعلق بهذه الزيارة، و أكد أنها «ستشكل فرصة لتبادل الآراء والتحليلات في إطار تقاليد التشاور القائمة بين البلدين حول مختلف المسائل المتعلقة بالسلم والأمن في إفريقيا والعالم».
فالجزائر التي تدعي حيادها في النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، انتقلت إلى مرحلة أخرى لمواجهة الانتكاسات المتكررة التي لحقتها جراء التطورات الأخيرة المتعلقة بهذا النزاع، إذ بعد فشل الحرب الإعلامية الشرسة التي خاضتها في محاولة للتأثير على مجرى التطورات، انتقلت في المرحلة الحالية إلى التنسيق مع حليفها الرئيسي في معاداة الحقوق والمصالح المغربية بالقارة السمراء في محاولة متجددة لمحاصرة الانتصارات الكبيرة التي يراكمها المغرب. وتبعا لذلك يجب أن نتوقع مؤامرة جديدة من «حلف الشر» الذي لا يبدو أنه معني بالتحديات الكبرى التي تواجه القارة الإفريقية، وتفرغ بالكامل للتصعيد في استهداف الحقوق والمصالح المغربية. فالجزائروجنوب إفريقيا لا تهمهما الحروب الفتاكة التي تعصف بالقارة السمراء، ولا الاشكاليات الكثيرة المستعصية التي تهم التنمية والقضاء على مظاهر التخلف والفقر والهشاشة في العديد من الدول الإفريقية بقدرما يهمهما السعي إلى محاصرة المغرب ومحاولة إضعافه.
هذه الزيارة تكشف حجم الإحباط والانتكاسة التي أصابت النظام الجزائري بسبب التطورات الأخيرة المرتبطة بالنزاع المفتعل، لذلك ارتأت ضرورة الاستجداء بالحليف الاستراتيجي في القارة العجوز للحد من حجم تداعيات هذه التطورات الهامة.
والأكيد أن عسكر الجزائر يوجدون في وضعية نفسية ودبلوماسية صعبة، لذلك لن يتوقفوا عن بذل كل الجهد في محاولة لاستمرار إلهاء الرأي العام الجزائري بالتصعيد المتواصل مع المغرب، وهي المنهجية التي جربت مرارا لكنها لم تجد نفعا. للتواصل مع الكاتب: