تشن المصالح الأمنية المغربية والاسبانية هذه الأيام عمليات مكثفة من أجل تفكيك شبكات إجرامية دولية منظمة مختصة في تهريب المخدرات عبر طائرات سياحية ومروحيات متطورة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ومسؤولة عن تفشي هذه الظاهرة، التي تزايدت خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، وباتت تشكل خطورة بالغة على السلم بالمنطقة، لاحتمال وجود ارتباطات بين مافيا المخدرات والتنظيمات الإرهابية. وفي هذا السياق علمنا من مصادر جد مطلعة أن القيادة العليا للدرك الملكي قامت مؤخرا بتكليف فرقة خاصة للقيام بعمليات تمشيط واسعة عبر مروحيات خاصة لرصد العمليات المشبوهة و الخروقات التي تطال المجال الجوي بمنطقة شمال المغرب، والتي يشتبه في علاقتها بالتهريب الدولي للمخدرات، كما علمنا أن مصالح الدرك الملكي قامت بتحديد بعض المناطق والمواقع الاستراتيجية بالشريط الساحلي الشمالي لمراقبة الأجواء والسواحل الشمالية. كما قامت لجنة تقنية عسكرية متخصصة بتفحص أجهزة الرادار المنتصبة بمجموعة من المواقع بشمال المغرب. وكانت السلطات الأمنية المغربية قد قامت خلال بداية شهر أكتوبر الماضي بتركيب جهاز رادار جد متطور فرنسي الصنع، شبيه بنظام إيشلون المعمول به في بريطانيا ومصنوع على شكل كرة غولف كبيرة، حيث تم وضعه في قمة جبل كدية الطيفور بمنطقة كابو نيكرو المطلة على مدينة المضيق لاستشعار جميع الطائرات الخفيفة، التي تخترق الأجواء المغربية، والتي لاتترصدها في كثير من الحالات الرادارات وأجهزة المراقبة العادية، بسبب التحليق على علو منخفض. وكان الحرس المدني الاسباني قد أصدر مؤخرا بلاغا أكد من خلاله قيام عناصره بتفكيك شبكة متخصصة في تهريب المخدرات بين المغرب وإسبانيا تستعمل طائرات من نوع «الجيرو» المعروفة بقدراتها الفائقة على النزول في جميع الأراضي المنخفضة، ولاتحتاج الى المطارات أو أرضيات خاصة للهبوط فهي تقلع وتنزل عموديا مثل الطائرات المروحية التقليدية وتستطيع الطيران لمسافة 330 ميل وبسرعة تصل الى 120 ميل في الساعة كما اعتقل رجال الحرس المدني في هذا الإطار ستة أشخاص كلهم يحملون الجنسية الإسبانية. وحسب يومية أ.ب.س الإسبانية ونقلا عن مصادر أمنية إسبانية فإن عناصر هذه الشبكة كانوا يعتمدون نظاما بديلا للطرق البحرية لتهريب المخدرات، في محاولة للإفلات من الرقابة، ويستخدمون طائرات صغيرة، تنطلق من مطار خاص في بلدة «أكساركيا» بضواحي مدينة مالقة، حسب بيان أصدرته وزارة الداخلية الإسبانية في هذا السياق. ويذكر أن التحقيقات والتحريات الأمنية حول هذه الشبكة انطلقت منذ مطلع الصيف الماضي، وأسفرت عن اعتقال سائق طائرة الجيرو، وثلاثة أشخاص متخصصين في شحن المخدرات، وإثنين من المسؤولين عن توزيع وبيع المخدرات. ومازالت التحقيقات الأمنية متواصلة لتحديد هوية الأعضاء الآخرين للشبكة وإلقاء القبض على باقي المتورطين. وتمكنت عناصر الحرس المدني الإسباني خلال هذه العملية من حجز طائرة الجيرو، وخمس سيارات فاخرة و 130 كيلوغرام من الحشيش، كما قامت بتشميع ثلاثة منازل في مدينة فوينخيرولا، وبلدة فيليث بمالقة. ووضع الموقوفون الستة رهن الاعتقال، إذ يتابعهم القضاء الإسباني بتهمة ارتكاب جريمة ضد الصحة العامة وتكوين عصابة لترويج المخدرات. وحسب يومية أ.ب.س الإسبانية فإن مافيا تهريب المخدرات أصبحت تتخذ من المغرب محطة أساسية في خريطة طرق التهريب الدولي، إذ بالإضافة إلى تهريب المخدرات من شمال المغرب إلى جنوبإسبانيا، أصبح المغرب يشكل اليوم أحد المسارات الأساسية لتهريب الكوكايين، بعد أن باتت شبكات تهريب الذهب الأبيض ترى في الأراضي المغربية بديلا للطرق الكلاسيكية، بعد أن أحكمت الدول الأوروبية والمغرب الطوق عليها. وأفادت دراسة ميدانية أنجزها فريق من الباحثين في الأنتروبولوجيا الاقتصادية بجامعة غرناطةجنوبإسبانيا حول مجال المخدرات بإسبانيا، أن هذه الأخيرة تستفيد من خمسين بالمائة من الأرباح الناتجة عن نشاط تهريب المخدرات ببوغاز جبل طارق. وكانت حكومة المغرب قد أعربت لنظيرتها الاسبانية عن قلقها من تزايد الرحلات الجوية المخصصة لتهريب المخدرات، التي تنشط بين المغرب وإسبانيا، وأظهرت التحقيقات التي مازالت مفتوحة في هذا المجال عن تورط العشرات من المواطنين الاسبان، توجه إليهم تهمة خرق المجال الجوي المغربي.