أثار قرار المدارس العامة الفلمنكية بحظر ارتداء الحجاب، احتجاجات عنيفة في بلجيكا في الأشهر القليلة الماضية. ورفضت عشرات من الفتيات المسلمات الذهاب إلى المدرسة. والبعض منهن رفعن دعاوى قضائية ضد الحظر. وقالت إحدى المشاركات الغاضبات في مظاهرة بثها التلفزيون البلجيكي، «هذا انتهاك لحقوق الإنسان ومخالف للدستور». وأضافت قائلة: «لدينا الحق في ممارسة شعائرنا الدينية!». وبدأت قضية حظر الحجاب في التصاعد مطلع العام الدراسي الجديد عندما قررت الثانوية الملكية في مدينة انتويرب، وهي إحدى آخر المدارس التي لم يكن فيها الحجاب ممنوعا، أن تحظر الحجاب هي الأخرى، بالتعاون مع مدرسة أخرى تدعى مدرسة هوبكين. وللإشارة فالمدارس في بلجيكا تتمتع بحرية الاختيار و بالسماح بارتداء الحجاب أم لا. وارتفع في السنوات الأخيرة عدد المدارس التي حظرت الحجاب. في البداية طال الحظر المدارس الكاثوليكية فقط، لكن عندما ارتفع عدد الفتيات المحجبات اللواتي التحقن بالمدارس العامة بدأت هذه المدارس هي أيضا بحظره. وتحول الأمر إلى ظاهرة لم يستطع أحد السيطرة أو التأثير عليها. وكانت كارين هيريمانس مديرة مدرسة انتويرب الثانوية لسنوات خلت تعارض بشدة قرار الحظر هذا حين أرادت أن يكون تلاميذ المدرسة من أصول ثقافية ودينية مختلفة وهذا ما يجعلهم أكثر انفتاحا وتقبلا للآخر. وخلال السنوات الأربع الأخيرة لاحظت هيريمانس تزايدا في عدد الطالبات المسلمات وارتفعت النسبة من 50% إلى 80%. وأصبح الجو السائد في المدرسة غير متسامح وتعرضت الفتيات اللواتي لا يضعن حجابا للرأس لضغوط كبيرة من المحجبات. هذا ما جعل مديرة المدرسة هيريمانس تغير وجهة نظرها في ما يخص القرار القاضي بمنع الحجاب. وقالت في حديث للتلفزيون البلجيكي إنها من أجل أن تدافع عن المبادئ التي تؤمن بها ومنها التسامح اضطرت إلى اتخاذ مثل هذا القرار، وكذلك للمحافظة على مصالح تلاميذ المدرسة. وقد ووجه قرار مدرسة انتويرب القاضي بحظر الحجاب فيها باحتجاجات عنيفة نظمتها حركة «أنا سيدة رأسي». قدمت إحدى الطالبات شكوى قضائية لدى المحكمة العليا باعتبار أن قرار الحظر ليس قانونيا إذا لم يطبق في كل المدارس العامة في البلاد. وأخذت الهيئة العليا للمدارس العامة الفلمنكية قرارا بمنع كل الشعائر الدينية في المدارس بما فيها الحجاب والطاقية اليهودية والصليب. وهكذا سوف تضطر المدارس التي لم تكن بوارد حظر الحجاب إلى القيام بذلك. وازدادت حدة الاحتجاجات وخاصة في انتويرب؛ حيث لا مدرسة تستقبل الفتيات الراغبات بارتداء الحجاب. وفي إطار الاحتجاج على الحظر قررت حوالي 60 فتاة محجبة عدم الذهاب إلى المدرسة. وينص القانون في بلجيكا على إلزامية التعليم، وليس إلزامية الذهاب إلى المدرسة. إذ أن القانون يسمح للتلاميذ أن يتعلموا في منازلهم. وقامت بعض الفتيات بتنظيم مجموعات للتعلم سويا وللتحضير للامتحانات الرسمية، وذلك تحت إشراف الإمام نور الدين طويل. ودفع هذا الأمر بالعديد من المسلمين في بلجيكا بالمطالبة بمدارس إسلامية خاصة. ويسمح القانون البلجيكي بذلك، إلا أن أغلبية السياسيين البلجيكيين يرفضون الأمر، ويرون أنه سيؤدي إلى أسوأ أنواع الانعزال عن المجتمع. وتقدمت حركة «أنا سيدة رأسي» بدعوى قضائية نيابة عن عدد من الطالبات المحجبات ضد قرار حظر الحجاب. كما أن باسكال سمت وزير الثقافة الفلمنكي أعرب عن اعتقاده أن هذا القرار لا يرتكز على أسس قانونية. سوف يستغرق الأمر شهوراً حتى يصدر القاضي حكمه في مدى قانونية الحظر. ورفض مجلس الدولة في بلجيكا النظر في طلب تقدمت به سبع طالبات مهاجرات تطعن فيه بمصداقية النظام الداخلي في إحدى مدارس البلد والقاضي بمنع دخول الطالبات اللاتي ترتدين غطاء الرأس الإسلامي أو الحجاب. وبرر مجلس الدولة قراره بعدم قبول الطلب بضعف الدليل، ولكون الطعن المقدم موقع من طرف واحد من أهالي الطالبات المتقدمات بالطلب وهم لا يمثلون كافة الأطراف المعنية بالقضية حسب مجلس الدولة، وهذا ما يجعل الطلب مرفوضا وغير قابل للنظر، حسب بيان لمجلس الدول. ويبقي الحجاب في بلجيكا مسالة داخلية بالنسبة للمؤسسات التعليمية بشأن السماح للطلاب بارتدائه أو منعه داخل أبنية المنشأة التعليمية وذلك بعد عدة سنوات من التداول بخصوصه بين المحاكم ومؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية. وفي ما يتعلق بهذا القرار، وصفت حركة مناهضة العنصرية وكراهية الأجانب في بلجيكا وهي هيئة غير حكومية قرار مجلس الدولة ب»المنحاز». أما دفاع الطالبات المشتكيات، فقد أعلن أنه سيتقدم بطعن في هذا القرار إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، للنظر في هذه القضية. وداخل الأوساط السياسية والحكومية البلجيكية، تسير الأمور بشكل معاكس، فقد أعلن حزب الحركة الإصلاحية وهو حزب ليبرالي عزمه التقدم بمشروع قرار لدى كل البرلمانات المحلية والبرلمان الفيدرالي ينص على منع ارتداء الحجاب أو أي لباس يكشف عن الانتماء الديني و الفلسفي في كل المدارس الحكومية في بلجيكا.