كتب «زوي بالتوز zoé Balthus» مقالا (أنظر Zoebaltlus/typlpadi.fr) - أحرفه ترتسم كالسنابك التي لا تمحي في ذاكرة المكان؛ ولم يرسم هذه السنابك الأدبية سوى دابة الترحل التي يمتطيها الشاعر السويسري «ألياس بلاز سوندرار Alias BLaise cendrars» مخترقا المتخيل والواقعي؛ أما الاسم الحقيقي لهذا الشاعر المتشظي، فهو «فريدريك لويس سوزير Frederic louis Sauser»؛ وقد آثر الشاعر التلفع باسم «blaise cendrars» كإحالة إيحائية على الجمر والرماد؛ وترميز للرجل الذي لا ماضي له؛ ورغم أن أصول هذا الشاعر، تنحدر من سويسرا، إلا أنه ترعرع في الخارج، وهاجر منذ سنواته الأولى، بسبب دواعي مهنية لأبيه، ليحلّق مبكرا؛ فقد أمسك حسب ما يجزم سكين المطبخ في سن الرابعة عشرة، مترحلا مع أبيه الذي يعتبره أفضل والد في العالم؛ كان «فريدي» أي «سوندرار» مأخوذا برغبة التحليق بأجنحته الخاصة، والمضي وحيدا لخوض المغامرة، مؤكدا أنه هرب في سن السادسة عشرة، متسلقا قطارا إلى غاية «سان بيتيرسبورغ»، يقول بهذا الصدد؛ «الحياة خطيرة، ومن كان ثائرا، يجب أن يمضي إلى آخر قراره، دون تراجع»؛ إنه عاشق للحرية، ميَّال إلى غزو الآفاق الجديدة، وحكايات المسافرين والمغامرين، ليغدو بدوره مغامرا، ويشرع من تلقاء نفسه في اعتراك الكتابة، من خلال تسجيل ملاحظات وأفكار، وخربشة قصائد؛ وهنا يقول: «لا أفَضّلُ ريشتي في المحبرة بل في الحياة»؛ إن رحلاته الواقعية والتخييلية، تغذي كل أعماله الشعرية والروائية، لتكون مادة أساسية؛ ففي عام 1909، أدبر «سوندرار» إلى روسيا، في الوقت الذي ظهرت فيه أسطورة «نوفغورود Novgorod» حيث خيَّم الارتياب طويلا في الحياة الحقيقية؛ ليقوم في السنة الموالية، برحلة بحرية حول العالم قادته إلى نيويورك، متأبطاً لأكبر مكتبة في العالم تربض بهذه المدينةالأمريكية، ديوانا شعريا صدر عام 1912؛ وسيعاود الرحيل إلى العاصمة الفرنسية (باريس)، ليخترقً منذئذ دائرة الطليعة الأدبية والفنية لمونبارناس التي ينضوي في رحمها: «غيوم أبولينير» و «فيرناند ليجير» و «أميدو موديلياني» و «بابلوبيكاسو» و «جان كوكتو» و «إيريك ساتي» و «بيير ريفيردي»؛ ليتزوج سوندرار عام 1914، البولونية «فيلا بوتزوسكا» fila Potzouska » في ذات الوقت الذي بدأ فيه دوي مدافع الحرب العالمية الأولى يستعر؛ وعلى غرار «أبو لينير». انخرط «سوندرار» في فيلق الجندية، ومضى إلى جبهة الحرب حيث أصيب خطيرا في يده اليمنى عام 1915، وقد أدى العلاج السيء إلى بترها؛ ليقول هنا: «على الأقل عدت من الحرب بيد واحدة، ولأول مرة في حياتي كتبت قصيدة باليد اليسرى:»، وقد نشر هذه القصيدة عام 1922، بعد ذلك سيقول «جان كوكتو»: «في باريس، كان المكان شاغرا، فشغلناه، ومنذ 1916 شرعت ثورتنا»؛ كذلك سيتنفّس «سوندرار» قليلا من هذه الروح الجديدة في الحياة الأدبية الباريسية، مع الحرب، حيث ستبدأ لوكسمبورغ في التجلي. بعد حصوله على الجنسية الفرنسية، وتسلمه للإدارة الأدبية لمنشورات «لاسيرين "Edition de lasirene أصدر عام 1918 شهادته القوية والمؤثرة حول تجربة الخنادق، وهي تحمل عنوان: «قتلت Jai tué» ليلوح كتابه الآخر «نهاية العالم» الذي تم تحويله إلى فيلم سينمائي من طرف «لانج.ن د "Lang N.D وسيستبد ب «سوندرار» الافتتان الحالم بالبرازيل عام 1921؛ هذه الأرض التي لم تكن وقتئذ معروفة جدا، عذراء، وذات جمالية فردوسية، كما أنها بلادليست لأحد؛ هكذا سيوشِّح «سوندرار» علاقات الصداقة ب «باولو برادو» الذي يعتبر برازيليا ثريا، عاشقا للأدباء والفن؛ وقد دعا «سوندرار» للإقامة في بلاده، فما كان من هذا الأخير، إلا أن مخر عباب البحر على متن السفينة «فورموز "Formouse باتجاه السواحل البرازيلية، وفي غضون ذلك هجر زوجته وأبناءه الثلاثة لسنوات عديدة لينعم بأحضان الممثلة «رايمون دوشاتو» التي صعق بحبها المفاجئ؛ هكذا سيستأنف في وطنه الروحي، علاقته بالاكتشاف والمغامرة، مغترفا من التجارب الفنية الجديدة، ومرتبطا بصداقات مع الشعراء: «مانويل بانديرا» و«ماريو أندراد» وكذا الرسام «سيسيرو ودياس» والشاعر «أوسوالد دو اندراد» وزوجته الراقية، الرسامة، «تارزيلا دو أمارال» التي اعتبرها «سوندرار» أجمل امرأة في العالم؛ وقد رافقته نصيرة الأدباء «أوليفيا غيديس بونتيادو» مع «ماريو دو أندراد» في رحلة بحرية عبر بعض المدائن التاريخية لدولة «ميناس غيرايس»؛ بعد ذلك سيطلقون معا، حركة فنية وشعرية برازيلية مستقلة وبيانا أدبيا كتبه «أوسوالد؛ وقد تأثرت بقية أعمال «بلاز سوندرار» بهذا اللقاء بالأرض البرازيلية، وشعبها، وموسيقاها، وألوانها، وروائحها؛ ليكتب أشعاراً دمغها بعنوان «أوراق الطريق»...