بمناسبة الحديث عن إصلاح القضاء تظل وزارة العدل مطالبة أولا بنفض الغبار عن الدراسات والأبحاث الميدانية التي أنجزتها حول اختلال المرفق القضائي الذي لايعني القضاة وحدهم وإنما جميع مساعدي القضاء من خبراء وعدول وموثقين وتراجمة ومحامين وغيرهم، دون إغفال الوضعية العامة للمتقاضين، وكلفة التقاضي على ميزانية الدولة، والبحث عن آليات معقولة لتمويل «الإصلاح» المرتقب، وإيجاد حل جذري لمعضلة تنفيذ الأحكام القضائية قبل الخوض في الإصلاح الذي لايمكن أن ينطلق بعقليات ظلت لسنوات مسؤولة بوزارة العدل الى درجة يخيل للمرء أن بعض الوجوه بالوزارة أضحت جزءا من المرفق القضائي، علما أن عددا من الإدارات يغير مسؤولوها كل أربع سنوات. في هذا الصدد ندعو مسؤولي وزارة العدل الى إعادة قراءة التقرير التركيبي حول «إصلاح وتحديث قطاع العدل» المنجز في مارس 1999 في إطار المخطط الخماسي لسنة 1999 2003، وذلك لكونه وضع على مستوى التنظير جملة من النقط على الحروف، والتي ابتدأها بمشاكل قطاع العدل والاختلالات في التنظيم وعدم كفاية الوسائل اللوجستيكية، مرورا بغياب إطار ومساطر للتقييم، وضعف التنسيق والتواصل، وأخلاقيات المهنة ووضعية السجون.. لاشك أن أي إصلاح لا يمكن أن يتم دون توفير الإمكانيات البشرية والمادية والتقنية واحترام إرادة المشرع من فلسفة التشريع كشأن حالتنا في تنفيذ مقتضى الأحكام القضائية بدون التصرف فيها وتجزيئها الى نسب مأوية، لكن يبقى أن جانبا من إصلاح القضاء لا يحتاج الى تخصيص ميزانيات بل مجرد تطبيق القانون ومعالجة مكامن الخلل الواضحة بناء على إرادة الإصلاح.