فرضت السينما الفلسطينية همومها على نشاطات الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان الاسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط الذي اختار السينما الفلسطينية ضيفة شرف بمناسبة اعلان القدس عاصمة للثقافة العربية. فخلال الأيام الثلاثة الاولى من المهرجان الذي بدأ الثلاثاء الماضي تم عرض افلام وعقد ندوات تطرقت لهذه الهموم الفنية والسياسية والتساؤلات المثارة حول السينما الفلسطينية. وتناولت المناقشات خصوصا وضع القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة في ظل الانقسام الذي تعيشه الساحة الفلسطنية بين حركتي فتح وحماس. وعرضت في المهرجان ثلاثة افلام احدها مقتبس عن رواية للاديب الفلسطيني غسان كنفاني والاثنان الآخران فلسطينيان. وفيلم «المخدعون» للمخرج المصري توفيق صالح وإنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية المقتبس عن قصة غسان كنفاني «رجال في الشمس» من بطولة عدد من الفنانين السوريين والفلسطينين المقيمين في سوريا. أما الفيلمان الفلسطينيان اللذان عرضا حتى الآن فهما «حتى إشعار اخر» لرشيد مشهراوي و""""ملح هذا البحر"""" لان ماري جاسر. وشارك مشهراوي وجاسر في ندوة اعتبرت من اهم الندوات التي نظمها المهرجان حول هموم وهوية ومستقبل السينما الفلسطينية. وعرض «المخدعون» في اطار تكريم المخرج الكبير توفيق صالح. وهو يتطرق الى المرحلة الاولى للقضية الفلسطينية بعد هزيمة1948 ويصور مجموعة من الفلسطينيون يحاولون اعادة بناء حياتهم بعد نفيهم بقوة السلاح من قبل قوات الهجانة في الكويت. ويلجأ هؤلاء إلى المهربين لادخالهم الى الدولة النفطية الوليدة ويموتون في نهاية الرحلة محاصريين في صهريج ماء ويلقى بجثثهم في مكان القمامة وصراخ السائق الفلسطيني العقيم الذي يقوم بتهربيهم الى الكويت تملأ الصحراء وهو يتساءل «لماذا لم تدقوا جدران الخزان» وكنفاني قامت قوة اسرائيلية باغتياله في1972 . وقال نقاد ان «المخدعون» فيلم فلسطيني بامتياز. وحتى المخرج الفلسطيني رشيد مشهرواي رأى انه «اهم فيلم فلسطيني قدم حتى الان على الشاشة» موضحا ان «هوية الفيلم فلسطينية وتعبيراته فلسطينية مع ان مخرجه مصر ومنتجه سوري فهذا يعبر عن البعد القومي للقضية الفلسطينية» وجاء عرض فيلم «حتى اشعار اخر» لتقديم مرحلة اخرى من النضال الوطني الفلسطيني خلال الانتفاضة الاولى في1993 . وقد صور جزء كبير من مشاهده سرا في مخزن وفره الشاعر الفلسطيني الراحل توفيق زياد لصانعي لفيلم لضمان خروجه الى النور ليقدم صورة عن الحصار الذي يعيشه الفلسطينيين خلال الانتفاضة الاولى. أما الفيلم الثالث «ملح هذا البحر »فهو يعبر عن رؤية الفلسطينيين في المهجر ورؤيتهم لحق العودة الى بلادهم من قصة بسيطة تنقل فلسطين المخزنة في ذاكرة المنفيين خارج الوطن وهؤلاء المنفيين داخل الوطن وحلمهم المشترك بالعودة إلى الوطن الجنة المختزن في هذه الذاكرة»