تحل هذه الأيام الذكرى الثانية و العشرين لاغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير ناجي العلي في لندن على يد مجهول قبل أكثر من عقدين من الزمن ومع مضي هذه المدة الطويلة لا تزال رسومه في ذاكرة كثير من قرائه العرب الذين طالعوها في الصحف والمجلات ابان حياته أو عبر معارض كثيرة منذ وفاته. كما تحل هذا العام أيضا الذكرى الثلاثين لشخصيته الكرتونية المبتكرة التي أصبحت علامة ثابته في رسومه منذ نهاية ستينيات القرن الماضي: حنظلة. يقول كثير من الفنانين والكتاب من أصدقاء العلي وممن عرفوا به عبر رسومه فقط أن شخصية حنظلة ستظل باقية لانها تجاوزت قضية محدودة الى دلالات انسانية أوسع. ورغم مرور السنين وتغير الأوضاع، يظل هناك للطفل الفلسطيني الذي يعطي ظهره للجمهور في رسوم العلي ما يشهده ويشهد عليه . واشتهرت رسومات ناجي العلي الكاريكاتيرية بانتقاداتها الحادة واللاذعة، لكن بلغة راقية ورسومات سلسة مشحونة وموحية في الوقت ذاته. و قد نما في المخيم وعي ناجي العلي وتطور فنه. ولم يقتصر هجومه وانتقاده على اسرائيل وأمريكا مثلا، لكنه طال العرب وحتى الفلسطينيين وكان معبرا الى حد كبير عن تيار غالب في العالم العربي، حتى أن صحيفة نيويورك تايمز قالت عنه يوما "اذا أردت أن تعرف رأي العرب في امريكا فانظر في رسوم ناجي العلي". وقال الاتحاد العالمي لناشري الصحف عن ناجي العلي انه "واحد من أعظم رسامي الكاريكاتير منذ نهاية القرن الثامن عشر". وتحت عنوان "طفل في فلسطين: رسوم ناجي العلي" صدلر أخيرا كتاب بالنجليزية حيث جمع ابنه وأصدقاؤه مجموعة من رسومه صنفت ضمن موضوعات شكلت أبواب الكتاب. يقول ساكو في المقدمة "كانت انتقاداته اللاذعة موحية سياسيا بشدة، الا أن حنظلة هو الذي يعطيها بعدا شخصيا لدى قراء ناجي العلي". ويعتبر جو ساكو أن لناجي العلي فضلا في تمكنه من اعداد كتابه الساخر "فلسطين" الذي نال عنه أرفع الجوائز، وهو عبارة عن تقارير صحفية بالرسوم الكرتونية عن الأوضاع في فلسطينالمحتلة واسرائيل. لم يقتصر نقد ناجي العلي على اسرائيل بل ينقل الكتاب قول ناجي العلي عن التزامه في رسومه: "مهمتي أن أتحدث بصوت الناس، شعبي في المخيمات في مصر والجزائر، وباسم العرب البسطاء في المنطقة كلها والذين لا منافذ كثيرة لديهم للتعبير عن وجهة نظرهم". يضم الكتاب مختارات من الرسوم عن قضيته الأساسية فلسطين، وعن حقوق الانسان ليس في فلسطين فحسب، بل في العالم العربي وعن السلام والمقاومة وامريكا والنفط وغيرها.