أكد علي بنطالب في البحث الذي قام به حول قضية «تدريس الأمازيغية ومؤسسات التعليم الفرنسية، الأمازيغية في مرحلة الحماية» أن الفرنسيين لم يتمكنوا من تحقيق الأهداف التي رسموها من وراء إنشاء المدارس الأمازيغية بالمغرب. وقال في موضوع صدر أخيرا في «أسيناك» وهي مجلة يصدرها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن النجاح الذي كان يتوقعه المخططون لهذه المدارس سرعان ما بدأ يتبدد، وأبان عن عدم معرفتهم العميقة بخصوصية المجتمع المغربي عامة والأمازيغية خاصة. وأضاف أنه منذ السنوات الأولى، أي منذ 1923، أصبح إلغاء اللغة العربية وتدريس القرآن عائقا كبيرا أمام توجهات الفرنسيين الذين حاولوا بكل الوسائل تجاوز هذا المشكل، فعملوا على خلق شعبة خاصة بتكوين المعلمين الموجهين للتدريس بالمناطق الأمازيغية، حيث كان يتم إنذارهم منذ البداية بأن «هذه المدرسة مكون هام في سياسة الحماية وإحدى وسائل الدعاية أكثر من كونها مراكز بيداغوجية وتعليمية». ومن بين العوامل حسب بن الطالب التي ساهمت أيضا في هذا الفشل، كون السلطات المحلية فضلت المدارس العرضية، معتبرة أن الوقت لم يحن بعد لإحداث مدارس منظمة إلا بالمراكز التي تتوفر على مكتب الاستعلامات، أو حماية عسكرية قادرة على توفير مدرس، وبالقرب من ساكنة ذات كثافة عالية، كما أن تشتت السكن القروي، واتساع حركة الانتجاع، منع من إحداث المدارس أو عرقل سيرها مما دفع إلى التفكير في خلق مدارس متنقلة تصاحب القبائل في تنقلاتها. وعلقت السلطات الفرنسية آمالاً كبيرة على استقطاب الساكنة الأمازيغية، فبعد النجاح الذي سجله المدير الأول لهذه المؤسسة (A.Roux) حتى حدود سنة 1935، بدأت تتراجع لأسباب مختلفة، وأصبحت تعتمد أساسا على ضغط سلطات المراقبة ذلك أن الاهتمام الذي أولاه ضباط الشؤون الأهلية لأبناء العائلات ذات النفوذ بالقبيلة تراجع، حيث لم يتجاوز عدد التلاميذ الملحقين خلال الموسم الدراسي 1940-1939 خمسة وعشرين تلميذا، أغلبهم آت للمؤسسة من أجل المطعم وليس للتعليم والتربية فأصبح عدد التلاميذ المنتمين للأسر الفقيرة والعربية يفوق بكثير أبناء الزعماء والأعيان الأمازيغ، بل طلب عدد من القياد تسجيل أبنائهم بثانوية مولاي يوسف بالرباط. وكانت شهادة الدروس الثانوية التي تمنحها ثانوية ازرو لاتمكن من اجتياز امتحان الباكالوريا، بالإضافة إلى أنها لا تضم أساتذة مبرزين، ومنافذ الشغل الممنوحة للتلاميذ المتخرجين كثيرا عن البرامج المقررة للمدارس المحدثة بالمجالات الناطقة بالعربية، بل إن الاختلاف يكمن في طاقم التدريس حيث يلزمه أن يكون فرنسيا أو أمازيغيا. ويشير بن الطالب إلى أنه تأكد مع مرور السنين أن الشعور الديني لدى الأمازيغ كان أعمق بكثير مما كان متوقعا، وهذا ما أكده أحد ضباط الشؤون الأهلية لكون بعض الأوساط بزيان تؤاخذ على مدرسة ازرو إقصاءها للتعليم الديني. ثم إن جهل العربية اعتبر من طرف الأمازيغ نقصا وطالبوا بتعليمها، وانطلاقا من سنة 1939، صار عدد تلامذة مدرسة ازرو محدودا، خاصة في المستوى الابتدائي، وأغلب أولئك من أصول فقيرة، في حين غادرها أبناء الأسر الميسورة. وتحدث عن الصعوبات التي اعترضت سبيل التلاميذ المغاربة المتخرجين من المدارس الامازيغية وتتجلى بالأساس في ضعف مستواهم في العربية. وذكر أنه في سنة 1941 تكونت جمعية قدماء تلامذة ثانوية ازرو وربطت علاقات مع جمعية قدماء تلامذة ثانوية مولاي يوسف بالرباط، ومنذ ذلك التاريخ صار تعديل برامج الدروس الابتدائية والثانوية والزيادة في حصص العربية في التعليم وإدخال التعليم الديني إلى المدارس الأمازيغية الموجودة وسط القبائل أمراً مفروضا. وخلص ابن الطالب الى أن تجربة تدريس الأمازيغية بمدرسة ازرو لم تفد الثقافة الامازيغية في شيء وأرجع تأسيسها الى طلب من الجنرال فرايدنبرك حاكم منطقة مكناس بانشاء هذه المؤسسة، وحددت دوافع المطالبة بتأسيسها في تكوين أكبر من الذين يتلقونه في المدارس الابتدائية للسماح للبعض منهم بولوج المدرسة العسكرية بمكناس، وتوفير كتاب وموظفين قادرين على العمل في مكاتب الشؤون الأهلية وتكوين أمر لمختلف المصالح بالمجالات الأمازيغية. وتقرر بناء هذه المدرسة بآزرو لسهولة المواصلات مع مكناس، ولكونها تقع في وسط أمازيغي، وقد فتحت المؤسسة أبوابها في أكتوبر 1927، وتميزت في البداية بكونها مدرسة ابتدائية بالنسبة لأبناء مركز آزرو ومدرسة جهوية تتوفر على داخلية لاستقبال أبناء الأعيان الأمازيغ المنتمين الى المناطق التي لم تكن تتوفر على مدرسة ولم تصبح ثانوية إلا في سنة 1930 وذلك بعد إلحاق الاقسام الثانوية بالسلك الابتدائي وخلق قسم خاص بتكوين المدرسين الامازيغ إضافة إلى قسم خاص بالتعليم الفلاحي، وكانت المؤسسة تضم وقتئذ 200 تلميذ في النظام الداخلي.