تم في نهاية الأسبوع الماضي التوقيع على تعاقد استراتيجي بين كل من الحكومة ممثلة في وزير التجارة والصناعة والمدير العام لمؤسسة بريد المغرب وثلاث مركزيات نقابية بعد 6 أشهر من جلسات الحوار الاجتماعي الذي أشرفت عليه الحكومة. ويتلخص مضمون الاتفاق في الآتي: 1 الاستمرار في مسار تحديث بريد المغرب في إطار مشروع القانون 07 08 المتعلق بتحويل بريد المغرب إلى شركة مساهمة مع المحافظة على مكتسبات المستخدمين وتحسين أوضاعهم، وتعديل النظام الأساسي للمستخدمين. 2 بعد إعطاء الموافقة من طرف بنك المغرب سيتحول بريد المغرب إلى بنك يستهدف تبنيك الفئات ذات الدخل المحدود وسيسمى هذا الفرع ب «البريد بنك» 3 إرساء قبل جديدة ذات مردودية لتدبير الموارد البشرية وتحفيزها، وفي هذا الاتجاه سيصرف بريد المغرب زيادة شهرية قدرها 500 درهم على شطرين، يصرف الشطر الأول منها وقدره 250 درهم مع الإنطلاق الفعلي للبريد البنك إضافة إلى ذلك صرف غلاف مالي يقدر ب 20 مليون درهم بأثر رجعي يعادل ستة أشهر من تاريخ التحويل الفعلي لمؤسسة بريد المغرب إلى شركة مساهمة ويصرف الشطر الثاني وقدره 250 .. مع الانطلاق الفعلي «للبريد بنك» ان حدث التوقيع على هذه الإتفاقية هو حدث تاريخي بدون شك ليس فقط لصبغة الاتفاقية رابح رابح رغم أن الرابح الكبير هو المغرب، وإنما لحصول تحول سلس في مؤسسة كانت ومازالت تمارس الخدمة العمومية أملته التزامات الحزب الدولية خاصة ضمن منظمة التجارة العالمية، وهذا التحول السلس ما كان له أن يكون لولا شيئين أساسيين. فالشيء الأول يتعلق بالمفهوم الحكومي الحالي للحوار الاجتماعي، والشيء الثاني يتعلق بالمفهوم الجديد للعمل النقابي. إن الحوارالاجتماعي الذي قادته حكومة الاستاذ عباس الفاسي منذ وجودها إلى الآن لم تتحكم فيه ولو يوما الديماغوجية والضحك على الدقون كما كانت تمارسه الحكومات السابقة، وهذا أكده المدير العام لمؤسسة بريد العام لصندوق الإيداع والتدبير،وذلك حينما قال بالحرف: أنه لولا حرص الحكومة برآسة الوزير الأول الاستاذ عباس الفاسي على الحوار ومتابعته من طرف وزير التجارة والصناعة لما كان يمكن التوصل إلى الإتفاق المذكور. وإذا كانت حكومة الوزير الأول الاستاذ عباس الفاسي أعطت من خلال هذه الإتفاقية الدليل على المفهوم الجديد للحوار الاجتماعي، فإنها أعطت الدليل من قبل على ذلك باستجابتها للعديد من الطالب المشروعة مع تخصيص أغلفة مالية تفوق بكثير ما تم تحقيقه من طرف جميع الحكومات السابقة. أما فيما يتعلق بالمفهوم الجديد للعمل النقابي فقد أجمعت جميع تدخلات النقابات الموقعة على الإتفاقية المشار إليها أن خلق ثقافة الحوار والانصات والتفاوض هو السبيل الوحيد في التعامل ما بين المشغِل والمشغَّل للوصول إلى نتائج إيجابية رابح رابح، وهذا المفهوم أو النهج الجديد هو بدون شك صائب مائة في المائة، وهو المفهوم نفسه الذي دافع عنه الاتحاد العام للشغالين بالمغرب وحزب الوزير الأول الذي هو حزب الاستقلال. وقد سبق للكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب الأخ حميد شباط أن صرّح بأن الاتحاد اختار المفهوم الألماني في العمل النقابي الذي ينحو نحو. التكميل والتطوير والتعاون فيما بين المشغل والمشغَّل سواء كان دولة أو قطاع خاص وهو ما يتقارب جدا مع الدين الإسلامي ومفهوم التعادلية الذي يعتمده حزب الاستقلال، وذلك بخلاف المفهوم الفرنسي للعمل النقابي الذي ظهر وتطور مع ظهور الفكر الشيوعي والأممية الشيوعية والصراع الطبقي الافتراضي بين المشغل والمشغَّل والذي يخلق في النهاية التناحرات الاجتماعية عوض السلم الاجتماعي والحوار والتقدم والازدهار.