يبدو أن حكومة العثماني مصرة على إغلاق باب الحوار مع الأساتذة المتعاقدين، هذا على الأقل ما تعكسه تصريحات سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الذي قال مساء الأربعاء خلال ندوة جمع لها الصحافيين بمقر وزارته بالرباط، إن “نظام التعاقد والتوظيف الجهوي خيار حكومي استراتيجي يضمن الاستقرار الاجتماعي والمهني، لأن الأساتذة هم من اختاروا الجهات التي وظفوا فيها”. حسب تعبير الوزير، الذي أضاف مدير الموارد البشرية في وزارته، محمد بنزرهوني، أن التنسيقيات لا تمثل أطر الوزارة وأن الحوار يجب أن يكون مع النقابات. وفي ردها على تصريحات الوزارة الوصية، اعتبرت التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، أن الرد سيكون في الميدان على الوزارة التي اتهموها بنهج سياسة الاستفزاز والتخويف والتعنيف والتفرقة وزرع الفتنة بين الأساتذة المتعاقدين لإخضاعهم، وأكد عضوُها علي كروم في تصريح ل”العلم”، على أن التنسيقية مستمرة في الصمود وتتدارس الرد على هذه الاستفزازات من خلال شل المؤسسات التعليمية على المستوى الوطني، والدخول في اعتصام مفتوح بالرباط. وشدد كروم، على أن ما قاله الوزير من أن 50 في المائة من المتعاقدين وقعوا على الملحقات بالأكاديمية الجهوية، ما هو إلا مراوغة من الوزارة تمت تحت الضغط، لأن من هؤلاء من يعيل عائلات وله التزامات لا تترك له المجال للنضال دون أجر، معتبرا أن المحلقات هي خطوة أخرى في حرب الوزارة على المتعاقدين البالغ عددهم 70 ألفا بمن فيهم من هم في فترة التكوين، وهي نفسها العقود المبرمة التي تستغل ضعف الأساتذة تحت تسمية أخرى اختلقتها الوزارة. وقال المتحدث، إن معركة التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، تصير في طريقها الصحيح، وقد كسبت تعاطف المواطنين المغاربة، وعدد من الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني. ونفى ما تحدث عنه الوزير من كون احتجاجاتهم غير وطنية، مشددا على عدم تسييس قضيتهم، ومحذرا من تحول معركتهم إلى احتقان شعبي مفتوح على كل السيناريوهات.
بينما يشدد أمزازي، على أن تبني هذا النمط من التوظيف من طرف الحكومة جاء في إطار إرساء الجهوية المتقدمة واستكمال اللامركزية واللاّتمركز في قطاع التربية الوطنية وملاءمة وضعية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بصفتها مؤسسة عمومية مع مستلزمات القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيآت أخرى، مبرزا أن توظيف أطر الأكاديميات الجهوية بموجب عقود جاء أيضا لتقوية هذه الأكاديميات باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي وتتحكم في مواردها البشرية من أجل ممارسة فعالة وناجعة في مجال تدبير الشأن التربوي. وأكد الوزير على أنه حرصا من الوزارة على ضمان سيرورة إدارية ومهنية قارة للأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، فقد تم اعتماد نظام أساسي ابتداء من فاتح شتنبر 2018، كأداة أساسية لتدبير المسار المهني والوضعيات الإدارية لهذه الفئة ، ينص على الحقوق والواجبات والضمانات المتعلقة بالتكوين الأساس والمستمر والحماية الاجتماعية والتحفيز على مدار الحياة المهنية، على غرار الأساتذة الخاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية. وأضاف أن الوزارة مستعدة لتطوير وتجويد النظام الأساسي الجديد الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية، مؤكدا أنه، يمكن أن يخضع هذا النظام للتعديل كلما دعت الضرورة من أجل الارتقاء بجودة المنظومة التربوية وضمان الاستقرار والتحفيز اللازمين للأساتذة. بيد أن الأساتذة المتعاقدين المتمسكين بإسقاط التعاقد، والحق في الإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية، يفندون تبريرات الوزارة ويؤكدون على استحالة عطائهم في جو يطبعه الترهيب، حيث إن عقودهم مليئة بالتهديد بالفسخ دون إشعار.
الحكومة تغلق باب الحوار وتتمسك بالتعاقد كخيار استراتيجي لا تراجع عنه