الفيديرالية الوطنية للشبيبة التجمعية تدعو الحكومة لمواصلة الإنجازات وتصفية تركة عشر سنوات من الإخفاقات    صادرات قطاع الطيران ناهزت 26,45 مليار درهم سنة 2024    الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يمنح فوزي لقجع الجائزة التقديرية لعام 2024    توقيف 6 أشخاص بالبيضاء يشتبه تورطهم في قضية تتعلق بتبادل الضرب والجرح    أمن أكادير يحجز كميات مهمة من المخدرات والقنب الهندي    بين اتهامات بالتضييق النقابي ومبررات تراجع الإنتاج.. نزاع حاد بين شركة "NOVACO FASHION" المملوكة لبرلماني من طنجة وعمالها المطرودين    إضراب عام في القطاعين العام والخاص احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والغلاء    المغرب يتسلم رئاسة التحالف الإفريقي للعلوم والتكنولوجيا لتعزيز التنمية المستدامة    هولندا.. مقتل طفلة طعنًا على يد شاب من اصل مغربي    دراسة: الجمع بين الرياضة والوزن الصحي يمكن من الحد من خطر الإصابة بالسرطان    الاتحاد الأوروبي يحذر من رسوم ترامب.. ستؤدي إلى التضخم وتضر بالاقتصاد العالمي    فتح تحقيق جنائي بحقّ زوجة نتانياهو    تعليق الدراسة ببعض مناطق اقليم الحسيمة تقلبات الاحوال الجوية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بعد انضمامه للأهلي.. بنشرقي: اخترت نادي القرن لحصد الألقاب    أخبار الساحة    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    استثمارات كبرى لتعزيز التنمية في الناظور.. البنك الدولي يدعم مشاريع البنية التحتية بقيمة 250 مليون دولار    اقتراب كأس إفريقيا يُسرّع وتيرة الأشغال بملعب طنجة الكبير    مصالح مديرية الضرائب تضع حسابات مقاولات "العجز المزمن" تحت المجهر    "الجبهة المغربية" ترفض "تهريب" نصوص قوانين إلى البرلمان    طنجة: انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية    ولي عهد السعودية يستقبل الرئيس الشرع    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    درك شفشاون يطيح ب"ملثم" سطا على وكالة لتحويل الأموال    بعد أيام من الغموض .. الشرطة البريطانية تفك لغز اختفاء تلميذتين مغربيتين    تحولات "فن الحرب"    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    من طنجة.. تتويج رشيد البقالي بجائزة عبد الله كنون للفكر والأدب المغربيين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية رائدة أفضت إلى تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة وعي الأزمة لدى نخبنا الحاكمة..
نشر في العلم يوم 18 - 05 - 2018

منذ ما يزيد عن ستين عاما والمغرب يعيش على ثقافة الانعدام… انعدام الحرية وانعدام المساواة وانعدام العدالة وانعدام تكافؤ الفرص وانعدام القانون على أكثر من صعيد… وهي ثقافة تأسست وما تزال على منظومة من الأفكار والرؤى التي تقصي المتغيرات في بنيتنا الاجتماعية والسياسية، وتكرس الخواء والعجز الذي بات من سمات ما يمكن تسميته بأزمة وعي الأزمة.
وبكلمة أخرى، فإن المشهد السياسي المغربي بشقيه الحزبي والنقابي، ظل طوال عقود قابعا لدى معظم التنظيمات السياسية في متاهات الشعارات والخطابة الفارغة، عاجزا عن تجديد نفسه وآليات تفكيره بما يمكنه من تكسير ثقافة الأنا المتضخمة بمفهومها السلبي، ومعها أزمة الوعي بالأزمات التي تتخبط فيها البلاد وعلى رأسها أزمتان أساسيتان، اقتصادية مرتبطة بالنمو والتوزيع العادل للثروات، وسياسية ذات صلة بالحريات العامة.
ولابد في هذا السياق من التوقف عند نقطة في غاية الأهمية كونها تجليا لأزمة الوعي السائدة في أوساط التنظيمات السياسية والنخب الحاكمة. ويتعلق الأمر بالصورة التي تكونها معظم الأحزاب وخاصة تلك التي رأت النور في فترة السبعينات والثمانينات دون سند شعبي أو مرجعية سياسية، عن ممارسة الحريات العامة ومنها حرية التعبير. فهي من حيث الخطابة تبدو على وعي كبير بالأزمة وبحق المواطن في الإعلام، لكنها تتفوق من حيث التطبيق، على الأسلوب المخزني في تضييق الخناق على كل من سار في الاتجاه المعاكس. وللصحافة تجربة مريرة مع حرية القلم منذ نصف قرن أو يزيد وما تميزت به مرحلة الاستقلال إلى اليوم من تعسفات واعتقالات وتوقيفات.
مثل هذا الوعي “الشقي” لدى النخب الحاكمة حاليا يحيلنا على أزمة الوعي بالكثير من المشاكل التي غالبا ما تعالج، إما من خلال إدراك ضيق لعمقها، وهو ما يزيدها استفحالا، أو من خلال نسخ مرتجل للنماذج الأجنبية، كما هو الشأن في قطاعات عديدة ومنها التعليم الذي يسطو كل مرة على نمط بيداغوجي فرنسي في محاولة لتطبيقه حتى وإن اختلفت المسالك التربوية والمناهج التعليمية.
وبما انه وعي سطحي وممزق، فانه ينحل إلى تناقضات لا متناهية تعيد إنتاج الرؤية السياسية الأحادية المؤدية إلى تغييب الفرد واعتباره صفراً مهملا ضمن رؤية اجتماعية ساذجة تقوم على رفض الآخر ونفيه بالمفهوم الاجتماعي والسياسي.
وبهذا المعنى فإن أزمة الوعي عند نخبنا، ليست تعبيرا عن مجتمع عاجز عن إعادة إنتاج نفسه معرفيا، بقدر ما هو تعبير عن أزمة حقيقية في بنيتنا السياسية وما تتضمنه من مشاريع نظرية يقوم بتوظيفها بعض قادة التنظيمات السياسيةً بما يتناسب ومصالحهم السياسية. ومن هنا فإن أحد أهم السبل لمعالجة أزمة الوعي السائدة في أوساط بعض النخب السياسية، تكمن في تعميق الوعي بالذات وإدراك مواطن الضعف وتحليلها على أساس الرؤية النقدية المنفتحة، وتقوية المشاركة الاجتماعية في صناعة القرار وتكريس مبدأ المحاسبة والرقابة، وإلا سنعود إلى أحط مراحلنا التاريخية.
فمجتمعنا يعاني على المستوى السياسي من مجموعة من الإشكاليات يمكن اختصارها من جهة في توظيف أنماط إيديولوجية لا تتوافق مع المرحلة الراهنة ومقتضيات التطور العالمي، ومن جهة أخرى في غياب الديمقراطية من جراء ممارسة التهميش المنظم على المواطن، وتزايد ظاهرة المحسوبية والتمييز القائم على أسس مناطقية، وأيضا وهذه أم المعضلات، اعتماد الشعارات والخطابة الفارغة التي أصبحت واحدة من عادات أبناء الوطن العربي وبها يصنفنا الغربيون ب”الظاهرة الصوتية”.
فكلمة “كلب” لا تنبح ولا تعض، كما يقول الفرنسيون، لكنها تحيل على واقع عياني، إلى كائن معين، ينبح، ويعض، وهي لا تحتاج إلى خطابة لنتبين مدلولها. وكلمة عطر لا عطر فيها، وكلمة علم ليست عالمة، وكلمة شر ليست شريرة… ولكنها جميعا كلمات ومفاهيم تحيلنا على واقع معين، سياسي اجتماعي اقتصادي يستدعي منا التعامل معه من زاوية التأثير فيه وليس التأثر به.
ثم إن الأساليب المتبعة من لدن نخبنا السياسية تعبر عن ممارسات اجتماعية وسياسية لا تتجاوب مع المتغيرات الراهنة وتحدياتها المستقبلية، معبرة بذلك عن الخواء والعجز الذي بات من علامات ثقافتنا الراهنة المتسمة بالانكفاء على الذات والتخلف عن مواكبة التطورات الحضارية المتسارعة.
وعي شقي آخر لدى النخب الحاكمة يتجلى في عدم إدراكهم بدور المنابر الإعلامية المكتوبة منها والسمعية البصرية من حيث هي الوسيلة الأولى للتربية والتثقيف والاطلاع. وربما أخطأت بقولي إنهم لا يدركون دور هذه المنابر، بل إنهم يصرون على أن يظل المواطن في حالة انحصار معرفي مستمر يعيش خارج الزمن الثقافي والإعلامي المغربي.
والسؤال المركزي الذي يجب طرحه وتكرار طرحه هو إلى متى سيتحول الوعي الشقي لدى هؤلاء إلى وعي حقيقي يسهم في التخلص من فخ الاستسهال، وفي إشاعة المعرفة والفهم بين المواطنين الذين فقدوا كل أمل في التصالح مع نشأتهم الاجتماعية والانصهار في تفاصيلها ومكوناتها، وذلك من خلال سياسة قويمة تسهم في نقل التجارب وصنع التراث وتحريك عجلة التاريخ؟.
العلم: باريس – أحمد الميداوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.