يمكن القول إن الزخرفة الاسلامية ككل الفنون الاخرى، لاتزال تنبض بكل قوتها وبهائها، رغم أن جزءا كبيرا منها بدأ يدخل طي النسيان، لولا بعض الفنانين الذين مازالوا يتشبثون بهذا الفن، وجعله كفن قائم بذاته، التقينا صدفة بأحد رواده فكان هذا الحوار: كيف كانت البدايات؟ بعد استقالتي كموظف من الداخلية، اشتغلت كنادل في مقهى بمدينة مكناس لمدة طويلة تناهز 16 سنة، بعدها التقيت بصديقي «بلغازي» الذي كان يملك «بازارا» للأعمال الفنية، وكان يقوم بمجموعة من الاشغال بداخله، كزخرفته على الأعمال التقليدية المغربية، هكذا اقترح علي أن اشتغل معه. وأول ما فعلته هو جرد الكتب التي كانت بالخزانة حسب العلوم الفقهية مع تبويبها ، كما أنه كان يقتني الالواح من المساجد وخصوصا من عند الطلبة المتخرجين بعد حفظهم للقرآن، وكنت أكتب فوقها بالخط الاسلامي الذي تعلمته من والدي الفقيه بجامع القرويين، بعدها تعلمت الزخرفة الاسلامية التي كان العمال يتقنونها ويتركون الفراغات الخاصة بالخط لكي أملأها. هل يمكن أن تحكي لنا عن أولى لوحاتك؟ عندما كنت أشتغل في «البازار» عملت على لوحة شخصية لي في مقر إقامتي، وعندما انتهيت منها، أخذتها الى «باب الاحد» لأضع لها إطارا وهناك التقيت بالحاجة بهية، التي أعجبت جدا باللوحة، وطلبت مني أن أصنع لها واحدة تشبهها، وهذه كانت أولى خطواتي نحو السوق. لماذا تشبتت بهذا الفن، أي الزخرفة الاسلامية، ولم تنسق نحو الفنون التشكيلية الاخرى؟ في التشكيل يكون الخيال هو الذي يتحكم في اللوحة، ويمكن أن تأتي الفكرة في وقت وجيز، وترسمها ببساطة، لكن في الزخرفة الاسلامية، تعتمد على ملأ القوالب أو مانسميه نحن «الكباريات» والذي يتطلب مجهودا كبيرا ووقتا طويلا لملئه، لكن الناس أخذت تبتعد عن هذا الفن، الذي يمثل التراث الاسلامي ويلتجئون الى الفنون التشكيلية التي ليس لها معنى. تقنيا، كيف تشتغل على اللوحة؟ في البداية، أصنع الاطار العام تم أضيف القالب أو «الكبارية» وهو جزء من الشكل الهندسي أو الزخرفي الذي أضعه في الاطار «التوريق» ، واللوحة الزخرفية تتميز بالمربعات والمستطيلات والاقواس، ومساحتها محدودة ومحصورة على الكتابة أو الرسم فوقها، أما المواد التي استعملها فهي الصباغة المائية والحبر الصيني والسمق وقلم القصب والاقلام المذهبة والفضية. هل أنت ضد الفنون التشكيلية؟ أنا لست ضد الفنون التشكيلية، ولكنني لا أفهمها، ولاتعبر عني، أظن أن الابداع الحقيقي هو الذي يمثل الامة ويعكس حضارتها وتاريخها.