اختار المجلس التنفيذي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) المثقفة المغربية الفرنسية أودري أزولاي مديرة جديدة للمنظمة التي تتخذ من باريس مقرا لها، بعد تفوقها على منافسها القطري حمد بن عبد العزيز الكواري، وحصولها على 30 صوتا، لتخلف البلغارية إيرينا بوكوفا التي تولت المنصب عام 2009. وقد احتدم السباق لمنصب مدير المنظمة، إثر الجولة الرابعة التي جرت الخميس وفاز فيها المرشح القطري حمد بن عبد العزيز الكواري ب 22 صوتا، فيما جاءت ابنة مستشار الملك محمد السادس ووزيرة الثقافة أودري أزولاي خلال رئاسة فرانسوا هولاند ثانية بالتساوي مع المصرية مشيرة خطاب برصيد 18 صوتا لكل منهما. وكانت الجولة الخامسة حاسمة حيث حصلت أزولاي على 30 صوتا مكنها من الفوز في المرحلة النهائية. وعلى الرغم من أنها دخلت السباق في اليوم الأخير من إيداع ملفات الترشح، أي بتاريخ 15 مارس الماضي إلى جانب ستة مرشحين آخرين من أذربيجان والصين ومصر ولبنان وقطر وفيتنام، إلا أن أودري أزولاي تمكنت من فرض نفسها والإصرار على الفوز حتى النهاية. وأودري أزولاي من مواليد غشت 1972 في باريس. وهي من عائلة ترسخت جذورها بين ضفتي المتوسط، وبالضبط بين عاصمتي فرنسا والمغرب. فهي ابنة مستشار الملك محمد السادس وقبله الملك الراحل الحسن الثاني، وأمها كاتبة وعمتها صحافية في مجلة “تيليراما” الفرنسية. وتخرجت أزولاي سنة 2000 من المدرسة الوطنية للإدارة، وهي إحدى أعرق المدارس الفرنسية التي تخرج منها عدد كبير من كبار المسئولين من بينهم الرئيسان السابقان جاك شيراك وفرانسوا هولاند. وبعد تخرجها من الجامعة وحصولها على شهادة الماجستير في علوم الإدارة سنة 1994، وشهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة لانسكتر البريطانية، كرّست حياتها لدعم وتطوير الثقافة في فرنسا، واستغلت المناصب الكبرى التي شغلتها لتحقيق ذلك.
أودري أزولاي مديرة جديدة لليونسكو.. أنا مستعدة لتولي المنصب لأنه رمز للقيم العالمية والإنسانية
وتولت أوزلاي منصب رئيس مكتب القطاع السمعي والبصري العام في فرنسا، والمسئول عن إستراتيجية وتمويل المنظمات في قطاع الإعلام. وفي شتنبر 2014، انضمت إلى طاقم الرئيس هولاند في ثوب مستشارة للثقافة والاتصال. وكانت قبل ذلك مسئولة بارزة في المركز الفرنسي للسينما حيث بقيت لغاية تعيينها وزيرة قاضية في محكمة المحاسبة. وفي حياتها المهنية وضعت أزولاي خطة لحماية التراث المهدد بالضياع في المناطق التي تشهد نزاعات وحروباً، وعرضتها على مجلس الأمن الدولي، كما أطلقت خطة دولية لتعزيز التنوع الثقافي من خلال الكتب، وأدخلت قوانين جديدة للمساواة بين الجنسين في المراكز والمؤسسات الثقافية في القانون الفرنسي، وشددت على ضرورة حصول كافة المواطنين على فرص للتعليم. وكان للرئيس هولاند دور بارز في ترشح أودري أزولاي لرئاسة اليونسكو، فقد دفعها إلى ذلك مخالفا قاعدة راسخة ولكنها غير رسمية تمنع أية دولة تحتضن مقر منظمة دولية أن تقدم مرشحا لإدارتها. وأثار القرار انتقادات سياسية وثقافية لاذعة، واتهم البعض فرنسا بأنها أهانت “الدول العربية” التي تلقت ضمانات بإحراز المنصب. ونشرت مجموعة من خمسين مثقفا عربيا عريضة وجهتها لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان احتجاجا على خوض أزولاي السباق لرئاسة اليونسكو. أما في مواقع التواصل الاجتماعي، فكثرت التعليقات المهينة لشخصية أزولاي التي ردت على الانتقادات في حوار لمجلة “جون أفريك”، قائلة: “لم يأت دور الدول العربية ولا دور فرنسا [لرئاسة المنظمة]، ولكن دور اليونسكو التي بحاجة لدخول الألفية الثالثة”. وتابعت: “اليونسكو هي معرفة الآخر، وأنا مستعدة لتولي المنصب لأنه رمز للقيم العالمية والإنسانية”. وترى أزولاي أن اليونسكو “يجب أن تكون مركز النقاش والتفكير والبحث عما هو جديد دائما”، وتؤكد أنها “الدرع التي تحمي التقدم العلمي، وتدافع عن التنوع الثقافي والقيم العالمية”، كما تشير إلى أن “التغيرات التكنولوجية ساهمت في تغيير طرق التعليم والتدريس”، ودعت اليونسكو إلى مواكبة العصر.
بقلم // أحمد الميداوي
أودري أزولاي مديرة جديدة لليونسكو.. أنا مستعدة لتولي المنصب لأنه رمز للقيم العالمية والإنسانية