وجدت دراسة طبية جديدة ارتباطا ملموسا بين التعرض لجسيمات ملوثات الهواء ومخاطر أمراض القلب المميتة أو غير المميتة وكذلك النوبات القلبية لدى النساء في سن اليأس. وكانت دراسات سابقة قد أجرت تقييما للوفيات الناجمة عن الجسيمات الدقيقة في ملوثات الهواء، وقارنت تأثيرات التعرض لها في مختلف المدن الأميركية. لكن هذه الدراسة هي الأولى التي تنظر في الارتباطات بين التعرض طويل الأمد لجسيمات حجمها أصغر من 2.5 مايكرومتر (جزء من المليون من المتر) ومشكلات القلب والشرايين. و أظهرت أبحاث سابقة ارتباط الجسيمات الدقيقة في ملوثات الهواء بأمراض الرئة وشريان القلب التاجي واختلاف تأثيره على النساء مقارنة بالرجال. فلديهن مثلا أوعية دموية أصغر، ولذلك فهن أكثر عرضة لمخاطر الجسيمات الدقيقة التي تذهب عميقا في الرئتين، وتسبب التهابا يؤدي لأمراض وأزمات القلب. في هذه الدراسة قام باحثون أميركيون من جامعة واشنطن بالنظر في بيانات ومعطيات حوالي 66 ألف امرأة في سن اليأس بين العامين 1994 و1998، أعمارهن بين 50 و79 عاما، وليس لهن إصابات سابقة بأمراض القلب والشرايين. وتنتمي هؤلاء النسوة إلى 36 مركزا حضريا مختلفا. وتم قياس تلوث الهواء بأخذ قراءات من عدادات موضوعة قرب منزل كل امرأة مشاركة. وهذه العدادات تقوم بقياس وتسجيل مستوى جسيمات أصغر من 2.5 مايكرومتر في المجال الهوائي. وبعد فترة متوسطها 6 سنوات فحص الباحثون السجلات الطبية للنساء المشاركات مرة أخرى، للنظر في نوع وعدد أولى مشكلات القلب والشرايين التي وقعت في تلك الفترة. ثم قام الباحثون بتقدير مخاطر حدوث مشكلات في القلب والشرايين التي تضاهي الزيادات في مستوى تلوث هواء المجموعة المشاركة. وقاموا أيضا باحتساب عوامل ديمغرافية (سكانية) ونمط المعيشة والحالة الصحية والتعليم والوضع الاجتماعي والاقتصادي والتدخين وارتفاع ضغط الدم ومستوى الكولسترول ومؤشر كتلة الجسم في تقدير تلك المخاطر. وأظهرت نتائج الدراسة أن حوالي 3% من النسوة المشاركات قد توفين بسبب مشكلات القلب والشرايين أو أصبن بها في فترة المتابعة. وتشمل هذه المشكلات مرض القلب التاجي ومرض القلب والشرايين عطب الأوعية الدموية في الدماغ والأزمات القلبية وتجدبد التوعية التاجية لاستعادة وظيفة القلب والسكتات. وقد تراوحت كثافة التعرض لجسيمات التلوث الدقيقة الصغرى من 2.5 مايكرومتر إلى 28.3 مايكروغراما في المتر المكعب من الهواء، بمتوسط 13.5 مايكروغراما. وقد تعرض ثلثا النسوة المشاركات تقريبا لكثافة جسيمات تفوق 15 مايكروغراما للمتر المكعب، وهو الحد الأقصى المسموح به لدى وكالة حماية البيئة. وباستخدام هذه النتائج أظهر الباحثون أن كل زيادة في جسيمات التلوث بمقدار 10 مايكروغرامات لمتر الهواء المكعب كانت مرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بنسبة 24% وزيادة في مخاطر الوفاة بها بنسبة 76%. وعن مخاطر الإصابة بأمراض أوعية المخ، فقد ازدادت بنسبة 35% -مقابل كل زيادة تلوث بجسيمات أصغر من 2.5 مايكرومتر- مقدارها 10 مايكروغرامات لمتر الهواء المكعب. يذكر أن هذه المخاطر التي قدرها فريق جامعة واشنطن قد جاءت أعلى من تلك التي خلصت إليها الدراسات السابقة.