جهود إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط ، وخاصة في ضوء خطاب الرئيس الاميركي باراك أوباما في جامعة القاهرة مؤخراً ، يجب ان تضع في اعتبارها بعض الأسباب التي تدفع اسرائيل الى التمرد على نداءات التزام اسرائيل بقواعد هذه العملية، حيث تلجأ اسرائيل الى الالتواء والتشويش على العملية السلمية كلما استشعرت عجزها عن تطويع المفاوضات باتجاه تكريس سيطرتها على الأراضي ومصادر المياه التي تعتزم السيطرة عليها حتى لو كانت هذه الأراضي وما بها من مصادر مياه مصنفة ضمن الاراضي التي يجب إعادتها لأصحابها الاصليين الذين فقدوها على أثر عدوان الخامس من يونيو عام 1967. وتأتي المشكلات والعراقيل التي وضعتها اسرائيل في طريق المسار التفاوضي السوري كدليل واضح على وجود أجندة سرية لدى الاسرائيليين يتم بموجبها توجيه سير أي مفاوضات، وكل الضغوط التي تعرضت لها سوريا وكل الاتهامات التي وجهت إليها سواء فيما يتعلق بالملف النووي او غيره هدفها إخضاع سوريا للتنازل عن شريط بحيرة طبريا حتى تصل اسرائيل بالقوة (الناعمة) الى مصدر مياه سوري واقع تحت الاحتلال حاليا. كذلك الأمر في الأراضي الفلسطينية ، حيث يتم بناء المستوطنات على أو قرب مصادر المياه الجوفية وعلى مشارف نهر الأردن ، ويتم الضغط على الفلسطينيين للقبول بفكرة استبدال تلك الأراضي بغيرها في صحراء النقب القاحلة. هذه الزوايا غير المنظورة بوضوح في الممارسات الاسرائيلية يجب ان تكون محل اهتمام الأطراف العربية المتفاوضة او الداعمة لعملية التفاوض، حيث إن الاطراف غير العربية ربما تكون على غير وعي بهذه القضايا الشائكة، التي تقلق العرب واسرائيل على السواء في ظل ندرة المياه في المنطقة والتوقعات بتغيرات مناخية مستقبلية ستزيد من حالة الجفاف التي يعانيها الوطن العربي عموماً والعالم من حوله. وقد حددت قمة الكويت الاقتصادية خطوات بشأن الأمن المائي العربي، وعقد دراسات متخصصة في هذا الشأن ، وينبغي ان تكون أزمة المياه مع اسرائيل احد أركان هذه الدراسة ، وايضا ادراج هذه القضايا في أجندة المفاوضات مع اسرائيل والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني والاشقاء في سوريا فيما يتعلق بالتصميم على حماية الحقوق العربية في مصادر المياه. نقول ذلك لأن العرب على أبواب اجتماعين مهمين يتعلقان بالقضية ، أحدهما الاجتماع الوزاري العربي الطارئ بمشاركة سوريا يوم السابع عشر من يونيو الجاري، لبحث جهود إحياء عملية السلام ووضع استراتيجية عربية تتضمن التعامل مع خطاب أوباما على نحو يفضي الى سلام عادل وقائم على الشرعية الدولية. أما الثاني فهو اجتماع مجلس وزراء المياه العرب و المقرر عقده في الجزائر قريبا، لوضع مقررات قمة الكويت الاقتصادية موضع التنفيذ في الشق المائي. إن معارك الحفاظ على الحقوق المائية هي المعارك الأخطر وإلم تكن واضحة الأبعاد حالياً، وتخوض اسرائيل معركتها في هذا الشأن تحت ستار من التعتيم والالتواء لا ينبغي أن تخفى على اصحاب الشأن من العرب. ولعل أخطر اعتداءات اسرائيل على الحقوق العربية هو الاعتداء المتواصل على مصادر المياه بينما يعاني الفلسطينيون خاصة عطشاً على عطش.