يحاول الرئيس الاميركي باراك اوباما استعادة السيطرة على ملف حساس بتحديد نواياه بشأن معسكر غوانتانامو، وتأكيد تصميمه على القطيعة مع ممارسات ادارة الرئيس السابق جورج بوش في مكافحة الارهاب. لكن رسالته تواجه منافسة من قبل خطاب مختلف جذريا يلقيه نائب الرئيس الاميركي السابق، ديك تشيني، الذي تحدث في الوقت نفسه. وقد عاد تشيني الى النشاط السياسي للدفاع عن سياسة مكافحة الارهاب التي اتبعها الرئيس السابق ، ويعتبر احد اهم مهندسيها, في جدل محتدم اصلا ، ويمكن ان يزداد حدة رغما عن اوباما الذي يفضل التحدث الى الاميركيين عن الانتعاش الاقتصادي والاصلاح الاجتماعي. ويأتي خطاب اوباما ، بينما جعله اصدقاؤه الديموقراطيون في الكونغرس في وضع صعب ، بوقوفهم مع خصومهم الجمهوريين، ورفضهم منحه الاموال التي يطلبها لتنفيذ وعده اغلاق معتقل غوانتانامو. ويؤيد هؤلاء اغلاق المعتقل ، لكنهم يخشون نقل معتقلين يشتبه بتورطهم في الارهاب الى سجون او شوارع الاراضي الاميركية, ويريدون ان يعرفوا بدقة ما ينوي اوباما فعله بالمعتقلين ال240 قبل الموافقة على منحه ثمانين مليون دولار. وزاد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، روبرت مولر ، من متاعب اوباما بتشكيكه علنا في قدرة السجون الاميركية ، التي تخضع لاجراءات امنية مشددة على تقديم ضمانات بان المعتقلين لن يتمكنوا من التآمر فيها او الفرار منها اذا نقلوا اليها. ويسعى اوباما الى طمأنة الاميركيين . وقال روبرت غيبس ، الناطق باسم الرئيس الاميركي ""نحن متفقون مع الكونغرس على ضرورة تقديم خطة مفصلة (لاغلاق المعتقل) قبل (منح) هذه الاموال"". الا انه تراجع على ما يبدو بقوله ان الامر يحتاج الى عدة اشهر لوضع الخطة المفصلة، وبتأكيده ان العملية مرتبطة بعدة قرارات قضائية عالقة. وقال غيبس ان اوباما يريد خصوصا ""اعادة تأطير"" الجدل وعرض كل القرارات التي يجب اتخاذها قبل اغلاق المعتقل. وما يزيد من اهمية الامر، ان اوباما ما زال ينوي اغلاق المعتقل في موعد اقصاه 22 يناير2010 ، كما ينص الامر الذي وقعه بعيد توليه مهامه الرئاسية, على حد قول غيبس. وهذا الخلاف ليس الاخير الذي تثيره قرارات اتخذها اوباما ، ويتوقع ان يتخذها حول هذه المسائل. ومن هذه القرارات النص المتعلق بالابقاء على المحاكم العسكرية الاستثنائية حتى بعد اصلاحها, لمحاكمة مئات الاشخاص الذين يشتبه بتورطهم في الارهاب ، واثار استياء منظمات الدفاع عن الحريات. وحتى اليسار، الذي وقف وراء اوباما خلال الحملة الانتخابية, شكك في واقعية هذه الوعود ، باعتراضه على نشر عشرات من صور ممارسات ارتكبها جنود اميركيون ضد معتقلين في العراق وافغانستان. وهاجم اليمين ايضا اوباما. فبالنسبة للجمهوريين, كانت المناسبة فرصة يجب انتهازها لمهاجمة رئيس يتمتع بالشعبية بعدما فرض نشر مذكرتين سريتين تعودان الى عهد بوش. وتتضمن المذكرتان المبررات القانونية لوسائل الاستجواب التي يعتبرها المعارضون وسائل تعذيب. واتهم الجمهوريون اوباما بالعمل لمصلحة الارهابيين.