حقيقة الإرهاب… إرهاب الحقيقة * بقلم // محمد أديب السلاوي تقودنا أحداث الإرهاب في عالم اليوم، وما يروج حولها من كتابات سياسية وتاريخية وعلمية، أن الإرهاب المسكوت عنه، هو إرهاب الدولة الذي فجرته الولاياتالمتحدةالأمريكية في القرن الماضي، وإرهاب الدولة الذي صنع من إسرائيل خلال القرن الماضي، دولة إجرامية بامتياز، هو ما جعل "الإرهاب" في عالم اليوم، حقيقة أكيدة، تتبلور يوميا على أرض الواقع، ضمن ثلاثة مرتكزات: أ/- استعمال هذا الصنف من الإرهاب، كعنصر استراتيجي في العمل السياسي للدولتين / أمريكا وإسرائيل، قبل ميلاد إرهاب "منظمات الإسلام السياسي" التي يعود وجودها إلى استراتيجيات ودعم وتوجيه إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية. ب/- استعماله كعنصر إجرامي من أجل تحقيق أهداف معينة، أو من أجل بلوغ أهداف سياسية أو اقتصادية. ج/- استعماله كمادة أساسية في السياسات الخارجية لأمريكا وأوروبا وإسرائيل، البعيدة والقريبة المدى، بطرق وأساليب مختلفة وتقودنا هذه الحقيقة إلى طبيعة العنف الذي استعمله "إرهاب الدولة" في أمريكا وإسرائيل، من أجل احتلال أراضي الغير، أو من أجل تثبيت الأنظمة المرغوب فيها، أو من أجل هضم حقوق الأفراد وعبوديتهم، وهي نفسها "الثقافة الإرهابية" التي قادت الحملات الاستعمارية في الماضي القريب، إلى إفريقيا والعالمين العربي والإسلامي، والتي تغذت من ظروف قهر العرب والمسلمين والأفارقة، السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وأكيد أن ثقافة العنف في أمريكا وإسرائيل، قد كونت أرضية خصبة للإرهاب، الذي جرد الإنسان من إنسانيته وحوله إلى مجرد شيء لا قيمة له، فهذا التجريد هو نفسه الذي أسس لكل الجرائم والحروب التي مرت في القرن الماضي، حيث استعبدت الشعوب بالقوة واشغلت ثرواتها بالعنف، حيث كان العرب والمسلمين ضحية لها…وما زالوا كذلك…وهو الذي يؤسس للجرائم التي يتنبأ بها المستقبليون للعالم في الألفية الثالثة. هكذا يقودنا واقع الإرهاب في السياسة والحياة الأمريكية والإسرائيلية إلى مدى ارتباطه بالفكر السياسي للدولتين، فهو يتبلور على مستوى القرارات والاستراتيجيات في مختلف الأحداث النابعة من الممارسة السياسية، ويستعمل كفعل إجرامي من أجل تحقيق أهداف الأفراد والجماعات، أو من أجل بلوغ أهداف اقتصادية أو سياسية، كلما كانت حاجة الإدارة الأمريكية الإسرائيلية إلى ذلك، وهو ما يعني تحويل الإرهاب، إلى "ثقافة" تغدي تناسلاتها القوة التي تهدم الأنظمة والحقوق من أجل تأمين وحماية المصالح والأهداف. وأكيد أن ثقافة الإرهاب، في السياسة الأمريكية الإسرائيلية، قد استطاعت تحت مظلة الدولة، تكوين أرضية خصبة للعنف الذي جرد الإنسان من إنسانيته، وحوله إلى شيء لا يساوي أي شيء. فهي ثقافة أسست لكل الجرائم والحروب الإقليمية والمحلية التي عرفتها جهات عديدة من العالم، بدأ من"هورشيما" وانتهاء من "بغداد" وفلسطين. عندما وقعت أحداث 11 شتنبر 2011، وجدت "الثقافة الإرهابية" فرصتها التي لا تعوض، إذ دفعت بالإدارة الأمريكية إلى اقتسام العالم إلى شطرين، الأول للخير والثاني للشر، ودفعت بها إلى تصنيف العرب والمسلمين بالشطر الثاني، حتى وإن لم تنجح في امتلاك أي دليل مادي يدين أي بلد عربي أو إسلامي بهذا الشر / الإرهاب، وبوضع سيف هذا الشر على رقاب البلدان الضعيفة والفقيرة، في مقدمتها الدول العربية والإسلامية، للاستجابة لشروطها خوفا من شر العقاب، وهو ما أعطى إسرائيل في النهاية نصرا محققا على الفلسطينيين…وعلى كل العرب المسلمين. هل نحتاج إلى القول، أن ثقافة الإرهاب في أمريكا وإسرائيل هي التي أعطت الانطلاقة لإرهاب الإسلام السياسي…؟