* سطات: محمد جنان لقد نفذ صبر سكان مجموعة من أحياء مدينة سطات جراء الاهمال والتهميش والاقصاء الذي يطال أحيائهم دون غيرها من باقي أحياء المدينة، رغم المحاولات والمبادرات التي ما فتئوا يقدمون عليها من أجل إثارة انتباه المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي وجعلهم يفتحون باب الحوار حول مطالبهم المشروعة والعادلة وتحقيق رغباتهم وتطلعاتهم التي في مجملها ستعود على المدينة وسكانها بالنفع العميم ،لكن يبدو أن التجاهل سيظل السمة البارزة لسلوكيات من بيدهم الأمر. إن أزقة عدد من الأحياء السكنية من قبيل حي بنقاسم حي سيدي عبد الكريم حي قطع الشيخ حي السلام حي السماعلة …الخ والتي تحول عدد منها بقدرة قادر ضدا على إرادة ورغبة السكان الى مناطق صناعية، رغم أن المدينة تتوفر على منطقة صناعية فوتت فيها البقع الأرضية بأثمنة تفضيلية لكنها لم تستغل للغاية التي خصصت من أجلها، حيث تفتقر هذه الأزقة والدروب للتعبيد والترصيف وانعدام الانارة العمومية وتجديد قنوات صرفها الصحي، إضافة الى كونها تحولت الى مواقف للسيارات المعطوبة (حي المنار مثلا) ومطارح لبقايا من إطارات وقطع غيار متلاشية تعرقل عملية المرور بها، الشيء الذي يزيد من تفاقم الوضع الكارثي الذي هي عليه، أما منازل مجموعة من الأحياء وخاصة التي أحدثت في السنوات الأخيرة فمازالت تفتقر للترقيم وتسمية أزقتها، مما يساهم في ضياع مصالح السكان جراء عدم توصلهم برسائلهم الشخصية والادارية، ناهيك عن الردوم وبقايا البناء من الأتربة والنفايات المنتشرة هنا وهناك وكأن هذه الأحياء محكوم عليها بأن تتحول فيها المساحات الفارغة الى مطارح للنفايات أو مواقف للسيارات عوض مساحات خضراء التي لا مكان لها في مخيلات مدبري الشأن العام المحلي، إلا إذا استثنينا بعض الحدائق التي تم ترميمها أو بنائها من جديد، وهذا يجرنا الى الحديث عن البقع الأرضية غير المبنية والبنايات المهجورة المتناثرة في مختلف أحياء المدينة والتي أضحت تشكل مصدر إزعاج وقلق السكان، بل تحولت الى أماكن للأفاعي وكل أنواع الحشرات السامة الخطيرة، الشيء الذي جعل صحة وسلامة المواطنين مهددة ومعرضة للخطر والنموذج نسوقه من تجزئة بنقاسم التي تعتبر من الأحياء العصرية، حيث يوجد بها عدة قطع أرضية غير مبنية أصبحت عبارة عن خرب قضت مضجع السكان الذين رفعوا عدة شكايات شفوية الى المسؤولين المعنيين يلتمسون منهم التدخل لإرغام أصحابها على بنائها أو تسييجها بسور واقي على اعتبار أنها باتت تشكل نقطا سوداء تخدش رونق وجمالية الحي والمدينة ومرتعا للحشرات نتيجة انتشار الروائح الكريهة والأزبال بل أكثر من ذلك غدت تشكل خطرا حقيقيا على سلامة وصحة السكان بسبب المنحرفين والمجرمين الذين حولوها الى فضاءات لتناول الكحول والاختفاء عن أنظار السلطات الأمنية بالإضافة الى أنها أضحت مكانا آمنا لاصطياد الضحايا ليلا وخصوصا رواد السوق الأسبوعي. هذا ولم تسلم بعض الأحياء السكنية من مشكل الاسطبلات العشوائية المنتشرة هنا وهناك والذي مازال قائما ومستمرا في تزايد بل الأحرى من ذلك أصبح كابوس يقض مضجع السكان في غياب إرادة حقيقية واستراتيجية محكمة للمسؤولين المحليين والاقليميين للقضاء عليها ومحاربتها أو تنظيمها كباقي الظواهر الأخرى لكن يبدو أن معاناة المواطنين مع هذه الاسطبلات لا تدخل ضمن برامجهم ومخططاتهم التي يقال عنها تنموية علما أن المدينة ما زالت قابعة في البداوة ويعلم الله الى متى ستخرج منها الى عالم التمدن والحضارة، حيث ان ظاهرة الاسطبلات العشوائية وخاصة الموجودة داخل المنازل وفوق السطوح أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الصحة العمومية نتيجة انبعاث الروائح الكريهة وبقايا فضلات الحيوانات وانتشار البعوض والناموس الناقل لكل أنواع الأمراض المعدية ،مما يتسبب في إصابة العديد من المواطنين الذين سبق للبعض منهم أن رفعوا في شأنها العديد من الشكايات بحالات حساسية والربو خصوصا وسط الأطفال. وحتى لا نطيل على مدبري شأننا العام نختم بحافلات النقل الحضري، إذ في الوقت الذي استبشر فيه المواطن السطاتي خيرا بخروج النقل الحضري من النفق المسدود وتنفس الجميع الصعداء بعد معاناة طويلة مع الشركة المنتهية صلاحيتها والتي لقيت انتقادات شديدة على تدهور أدائها وتهالك أسطولها في المدة الأخيرة والتعاقد مع شركة أخرى (الممتاز)، لكن سرعان ما خاب ضنهم نتيجة حرمان سكان مجموعة من الأحياء والتجزئات السكنية الجديدة شرق وغرب المدينة من تمديد خدمات النقل العمومي، إذ يوما بعد يوم تزداد معاناة المواطنين مع النقل خصوصا الموظفين وطلبة المعاهد والكليات بالإضافة الى التلاميذ، حيث غالبا ما يتأخر هؤلاء عن الالتحاق بأقسامهم بسبب قلة الطاكسيات في الفترة الصباحية وأيضا لاضطرارهم قطع مسافات إضافية نحو مدارسهم أو وسط المدينة للذهاب الى مآربهم وكلياتهم، وأمام هذا الوضع الذي يبقى فيه المواطن ضحية لمجموعة من الأخطار المحدقة به خصوصا في الصباح الباكر أو بالليل حيث تشاهد طوابير من السكان في انتظار الطاكسي الذي يتفنن بعض سائقيه في إذلال العديد من المواطنين بدعوى أنه غير مستعد للذهاب الى تلك الوجهة خوفا عن حياته من قطاع الطرق أو جحافل الكلاب الضالة التي تفرض حضر التجوال بالمنطقة ليلا ،مما يجعله مرغما بأدائه الثمن غاليا للوصول سالما الى بيته وذويه. وإذا كان مدبرو الشأن المحلي قد قاموا مؤخرا بواجبهم ولو بصفة مؤقتة في توفير عدد من حافلات النقل الحضري للخروج من الأزمة البنيوية الحادة التي سادت عاصمة الشاوية مؤخرا خصوصا بعد الاحتجاجات والمسيرات التي نظمت في هذا الشأن، فالضرورة إذن تحتم على المسؤولين المحليين والاقليميين أخد بعين الاعتبار ظروف سكان الأحياء السكنية البعيدة الاجتماعية ومعاناتهم اليومية مع وسائل النقل الأخرى التي أتقلت كاهلهم وأضحت كابوس يقض مضجعهم نتيجة غلاء المعيشة التي أنهكت قدرتهم الشرائية خصوصا مع توالي المناسبات والمصاريف المرتبطة بها ونحن في شهر رمضان الأبرك. إنه غيض من فيض مما تعانيه الساكنة التي نضطر مرغمين الى إعادة انتباه المسؤولين القدامى والجدد اليها وذلك انطلاقا من المسؤولية الاعلامية والأمانة الملقاة على عاتقنا ،فهل سيتمكن عامل الاقليم من وضع قطار التنمية المحلية على سكته الحقيقية وانتشال هذه الظواهر من جدورها وبالتالي وضع عاصمة الشاوية ضمن موقعها الحقيقي في الجهوية المتقدمة ؟ أم أن دار لقمان ستبقى على حالها وستظل معاناة المواطنين مستمرة ومتواصلة مع التهميش والاقصاء الذي يطال الأحياء السكنية من اسطبلات عشوائية (فنادق) وعدم تسميتها وترقيمها وكذا البقع الأرضية غير المبنية وتمديد خطوط النقل الحضري ليصل الى الأحياء النائية ،ومن هذا المنطلق لا بد أن نتساءل ويتساءل الرأي العام ألم يحن الوقت بعد لوقف العمل بفلسفة تنمية التخلف في تدبير الشأن العام ؟ ألا ينبغي أن ترحل تلك الفلسفة عن واقع أحياء المدينة وعن سكانها الذين يحلمون بحياة بيئية نظيفة ؟ هي أسئلة ومعها أخرى تتراقص في ذهن المواطنين الذين ينتظرون جوابا مفعلا على أرض الواقع من خلال إنقاذهم من هذه الظواهر التي سبق للمواطنين أن رفعوا في شأنها العديد من الشكايات قبل أن يتحول الوضع الى ما لا يحمد عقباه خصوصا وأن هناك فئات مجتمعية أضحت تمتهن الانتقاد وإلقاء اللوم على الغير عوض القيام بنقد بناء وهادف وموضوعي ،بعيدا عن منطق الحسابات الضيقة والخلفيات السياسية والترصد مع سبق الاصرار لكل مبادرة.