* العلم الإلكترونية: وكالات تشير أوساط جزائرية مطّلعة، إلى أن الاتفاق الذي حصل خلال اجتماع وزراء خارجية الجزائر ومصر وتونس في العاصمة الجزائرية، بشأن تحديد لائحة في الأشخاص والكيانات الإرهابية التي تعيق الحلّ السياسي في ليبيا، قد لا يرى النور في ضوء تباين كبير بين موقف مصر والجزائر من مكوّنات القائمة. وكشفت هذه الأوساط عن أن الجارة الشرقية تمسّكت بضرورة وقف مصر قصفها ضد مناطق ليبية يسيطر عليها متشددون قبل نقاش أيّ قضايا أخرى، مهوّنة من وضع قائمة بأسماء المتورطين في الإرهاب، وأنها ستسعى لإفراغ المبادرة المصرية في الغرض من فاعليتها. وكانت الجزائر قد عبّرت عن انزعاجها من العمليات العسكرية المصرية، بدعوى عرقلة جهود التسوية السياسية التي تبذلها، والتدخل دون العودة إلى مخرجات الحوار المستمر بين دول الجوار، وهو ما اعتبرته القاهرة حربا استباقية ضد الإرهاب الذي ما انفك يهدد أمنها القومي، وأن من حقها ضرب المعاقل التي تنطلق منها العمليات الإرهابية التي تستهدف مصر. وصرّح مصدر دبلوماسي جزائري بأن "وزراء خارجية الدول الثلاث المجتمعين مؤخراً في العاصمة الجزائرية، اتفقوا على تحديد قائمة بالمنظمات الإرهابية الموجودة في ليبيا، وتحديد المواقع التي تنشط فيها". مضيفا أن "الإجراء جاء بعد أن شدّدت السلطات المصرية على حقها في مكافحة الإرهاب، وبشكل لا يتعارض مع أيّ حلّ سياسي للأزمة الليبية"، ما يؤكد على تمسك الطرف المصري بالاستمرار في توجيه الضربات العسكرية ضد المجموعات الإرهابية في التراب الليبي. وتابع نفس المصدر أن "الاتفاق بين الدول الثلاث جاء تمهيدا لإبعاد تلك المنظمات وقياداتها (لم يتم ذكرها بالاسم) عن أيّ حلّ مستقبلي للأزمة الليبية من جهة، ومن أجل الفصل بشكل واضح بين مكافحة الإرهاب وشبهة محاولة فرض أمر واقع جديد في ليبيا بالقوة، وتجاوز الاتفاقات السياسية السابقة". ويرى متابعون للشأن الليبي أن الجزائر ستسعى لمنع التوصل إلى ضبط قائمة بالمتورطين في دائرة الإرهاب بليبيا، مشيرين إلى أن أغلب قيادات الميليشيات الإسلامية الليبية سبق أن زاروا الجزائر، وأنها تراهن عليهم لتثبيت حضورها في الأزمة الليبية. ولا يستبعد المتابعون أن تكون شخصيات ليبية على غرار عبدالحكيم بلحاج والصادق الغرياني وعلي الصلابي من ضمن قائمة الإرهاب التي تضعها دول الجوار، بعد صدور أسمائهم في لائحة الشخصيات والكيانات التي وردت في قائمة دول الخليج العربي ومصر التي صدرت الجمعة. وسبق أن زار هؤلاء الجزائر وهم قياديون مؤثرون في الحرب الليبية. وتريد السلطات الجزائرية أن تفرض مشاركتهم في أيّ حلّ سياسي مستقبلي بليبيا في سياق رغبتها في تحويل المتشددين الإسلاميين إلى حزام حام لها من تأثيرات "الربيع العربي". ويلفت المتابعون إلى أن تعطيل ضبط قائمة الكيانات الإرهابية أو إفراغه من الفاعلية قد يرتد على الجزائر نفسها لأن الجماعات المتشددة قد تضطر إلى الانتقال إليها هروبا من تقدم الجيش الليبي، وربما تعاود نشاطها مثلما كان في نهاية القرن الماضي، أو مثلما يحصل حاليا من تسلل عناصر إرهابية من ليبيا إلى تونس ثم إلى الجزائر، فضلا عن استمرار تنظيم القاعدة بعملياته على الأراضي الجزائرية. وينتقد برلمانيون وإعلاميون ليبيون الجزائر لكونها تبحث عن مصالحها الخاصة في ليبيا، ولا تفكر بدعم الحل السياسي المتوازن، مشيرين إلى أن السلطات الجزائرية تريد فرض إخوان ليبيا كطرف رئيسي في أيّ صيغة حكم مستقبلية متناسية ملف الجماعة في ليبيا وأدوارها المثيرة للجدل خاصة علاقتها بأنصار الشريعة وسرايا الدفاع عن بنغازي، وولاءها لقطر وتركيا، ما يعني أن أجنداتها خارجية ولا يهمّها استقرار ليبيا. ويعتقد على نطاق واسع أن السلطات الجزائرية تريد تثبيت إخوان ليبيا في السيطرة على طرابلس لتتخذ الملف الليبي ورقة لتحسين شروط التفاوض حول ملفات أخرى مع فرنسا والولايات المتحدة في وقت تشهد فيه الدبلوماسية الجزائرية تراجعا كبيرا في ملفات عديدة. ويقلل المراقبون من جدوى الرهانات الجزائرية في ليبيا خاصة بعد النجاحات التي حققها الجيش الليبي في شرق البلاد ووسطها، فضلا عن استعادة حكومة الوفاق الليبي للسيطرة على أهم مفاصل طرابلس.