يوجد ببلادنا الفيلم المشهور "نظرية كل شيء" (Theory of everything) الذي عرض سابقا خارج المسابقة الرسمية في حفل افتتاح الدورة 14 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وهو فيلم بريطاني من إخراج السيناريست والممثل جامس مارش الذي سبق له أن أنجز 12 فيلما آخر واحرز في سنة 2009 بفيلمه الوثائقي "البهلوان" على جائزة الأوسكار. تستغرق مدة فيلمه الجديد 123 دقيقة، وهو عبارة عن سيرة ذاتية للعالم الفيزيائي البريطاني "ستيفان هاوكينغ" ابرز علماء الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية على مستوى العالم. الفيلم يستعرض حياته وعلاقته بزوجته "جان" التي ارتبط بها في عهد الدراسة، ومعاناته بعد إصابته في عز شبابه (21 سنة) بمرض التصلب العصبي الجانبي المؤدي إلى إضعاف العضلات والجسم، إذ تفل الحركة والكلام وبلع الطعام تدريجيا، ويكثر سيلان اللعاب. بالرغم من مرضه لم يتوقف عن التحصيل العلمي بالجامعة، وهو صاحب نظريات متطورة في علم الفلك والكون والزمن و"الفيزياء الكوانتية" أو الكمية. كان الأطباء يعتقدون أنه لن يعيش أكثر من سنتين، ولكنه مازال حيا يرزق إلى اليوم. شملته زوجته "جان" بكامل العناية والرعاية والحب والحنان والتحفيز والتشجيع إلى أن تمكن من مواصلة أبحاثه والتألق، كما أصدر عدة كتب من بينها ثلاثة كتب علمية متسلسلة موجهة للأطفال تناول فيها غرائب وخبايا علوم الكون أنجزها سنة 2007 بمساعدة ابنته "لوسي". سبق للمخرج البريطاني فليب مارتان أن أنجز في سنة 2004 فيلما وثائقيا تلفزيونيا عن هذا العالم تحت عنوان "هاوكينغ" تم بثه على القناة "بي بي سي الثانية" وعلى قناة "أرتي" أيضا، وقد توج هذا الفيلم كأحسن عمل لتلك السنة ونال جائزة الأكاديمية البريطانية للأعمال للتلفزيونية. كان "هاوكينغ" يعتقد أنه سيموت جراء إصابته بمرض التهاب الرئة سنة 1985، ولكن زوجته "جان" رفضت مقترح الأطباء في سويسرا بفصل جهاز التنفس وطالبت بإعادته إلى بريطانيا لأن العلاج الذي أنقذ حياته افقده القدرة على الكلام نهائيا، فقام مهندس أمريكي بتطوير نظام حاسوب معقد استطاع من خلاله "هاوكينغ" التواصل بكتابة الكلمات على الشاشة الملتصقةً بالكرسي المتحرك. قرر هذا العالم بشكل غير منتظر لكنه سنة 1989 تطليق زوجته بسبب علاقته غير الشرعية بممرضته "إلين" التي تزوجها سنة 1995، وبسبب كونه كان يعلم أن زوجته المطلقة التي عاش معها 26 سنة كانت لها هي أيضا علاقة غير شرعية مع شخص آخر. تم الطلاق بينهما بعد 26 سنة من الزواج رزقا خلالها ثلاثة أبناء. بعد هذا الطلاق قامت زوجته المطلقة بإصدار كتاب "الفرار نحو أللا منتهى، حياتي مع ستيفان" الذي أخذ عنه هذا الفيلم والذي حكت فيه عن حياتها معه وعن معاناتها وآلامها ومرارتها جراء التخلي عنها من طرف زوجها الذي تزوجته وهي على علم بإصابته بالمرض. الممثل إيدي ريدماين هو الذي شخص بأداء جيد دور ستيفان هاوكينغ، بينما قامت الممثلة فليسيتي جونس بتشخيص دور زوجته الأولى، وقد كتب سيناريو هذا الفيلم خلال عشر سنوات من طرف السيناريست "أنطوني ماك كارتن" بعد تمكنه بصعوبة من إقناع "جان هاوكينغ" باقتباس كتابها، وقام جامس مارش متطوعا بإخراج الفيلم بعدما قبلت بعض الشركات إنتاجه. عرض هذا الفيلم في عدة مهرجانات ونال عدة جوائز، وهو عمل يبرز من خلال شخصية ستيفان هاوكينغ أن إرادة الإنسان تقهر المستحيل، وأن الإعاقة لا تمنع من الإبداع والتألق والتميز محليا أو عالميا كما تؤكد ذلك عدة أمثلة في مختلف المجالات. ذكرني هذا الفيلم بالشاب المغربي أحمد أمين النولي المنحدر من مدينة تازة والذي تعرفت علية منذ سنوات خلت في المهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس الذي واضب على الحضور في دوراته الأخيرة رفقة والده وأمه، بل شارك في دورته الأخيرة بفيلم قصير يحمل عنوان "قصة نجاح" تم تقديمه في حفل الافتتاح. ولد هذا الشاب بكيفية عادية ومع ترعرعه أصبح معوقا على مستوى اليدين والرجلين والنطق وأصبح يتحرك بواسطة كرسي متحرك بمساعدة والديه، لم يستسلم هذا الشاب البشوش والمرح والذكي والطموح لواقعه بل تحداه بالتفوق في الدراسة إذ يستعد هذه السنة لاجتياز امتحانات الباكالوريا وتحداه أيضا بالإبداع ومواهبه الفنية المتنوعة، إذ يتعامل بكيفية محكمة مع الحاسوب بأصابع رجليه، وتمكن من إنجاز لوحات فنية تشكيلية أقام لها معرضا بمدينة الرباط، كما يكتب الشعر والزجل إضافة إلى كونه عاشق للموسيقى إذ قدم إلى مهرجان الرباط للالتقاء بمطربه المفضل الفنان السعودي محمد عبدو وأخذ معه صورا تذكارية أسعدته كثيرا، وله صورة تذكارية أيضا مع جلالة الملك محمد السادس يعتز ويفتخر بها كثيرا، كما سبق للقناة المغربية الثانية أن أنجزت عنه برنامجا خاصا. ينعم أحمد أمين بعناية فائقة ورعاية دائمة من طرف والديه اللذين ضحيا بالغالي والنفيس من أجل إسعاده وتحقيق طموحاته المختلفة، ويتواصلان معه بإشارات صوتية يفهمان مدلولها في الحين. تجدر الإشارة في الختام إلى أن مركب "ميغاراما" بالدار البيضاء كان خلال الأسبوع الماضي ينشر في موقعه ملصق هذا الفيلم البريطاني، ولكن العنوان المرفق به لا علاقة له به، بل هو عنوان الفيلم الفرنسي "تحت نفس السقف"، وبعثت رسالة عبر موقع المركب كي يتم إصلاح هذا الخطأ، وفعلا تم حذف ملصق هذا الفيلم وتعويضه بملصق الفيلم الفرنسي دون أية كلمة شكر! بقلم // عمر بلخمار للتواصل مع الكاتب: [email protected] فيلم نظرية كل شيء: الإرادة تقهر الإعاقة.. بقلم // عمر بلخمار