ارتفعت مستويات البطالة في صفوف الإسبان بشكل لم يسبق له مثيل منذ سنوات الانتقال الديمقراطي الأولى، بل سجلت إسبانيا أعلى مستوى بطالة على صعيد الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة. كما أن عدد العاطلين ارتفع بوضوح وسط الإسبان وحتى وسط المهاجرين، ولهذا سيتم تجميد التعاقد مع المهاجرين ولن يتم استقدامهم من الخارج إلا في حالات استثنائية. وقد خلق قرار وزير التشغيل الإسباني، سيلستينو كورباتشو، بعدم استقبال بلاده ليد عاملة جديدة خلال العام المقبل نقاشا حادا في إسبانيا بين بعض المؤيدين المعروفين بتشددهم في هذا المجال وبعض المعارضين لهذه الفكرة حتى في صفوف الحكومة الإسبانية، وهو ما خلق انقساما في صفوف وزراء حكومة لويس رودريغيث ثباتيرو، وبرر الوزير الاسباني ما أقدم عليه بكونه راجعا إلى رغبته في تدبير الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد منذ شهور، وارتفاع مستويات البطالة في صفوف الإسبان بشكل لم يسبق له مثيل منذ سنوات الانتقال الديمقراطي الأولى، بل سجلت إسبانيا أعلى مستوى بطالة على صعيد الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة _وقال غورباتشو إن عدد العاطلين ارتفع بوضوح وسط الإسبان وحتى وسط المهاجرين، ولهذا سيتم تجميد التعاقد مع المهاجرين ولن يتم استقدامهم من الخارج إلا في حالات استثنائية، وفي المقابل يجب اختيار العمال من العاطلين عن العمل المسجلين في لوائح البحث عن الشغل، مشددا على أن الإجراء منطقي للغاية ويتماشى مع الوضع الاقتصادي المتأزم. وكان وزير الصناعة ميغيل سيبستيان أول من وجه انتقادات علنية إلى زميله غورباتشو حول مقترحه، ودعا إلى توجيه عقود العمل إلى القطاعات التي يحتاج إليها الاقتصاد الاسباني وليس تخفيض التعاقد مع اليد العاملة الأجنبية إلى الصفر، وصحح ما قاله زميله في الحكومة بكون إلغاء عقود العمل سيكون في بعض القطاعات فقط، فيما عبر استيبان غونزالو بوث، السكرتير الثاني للحزب الشعبي في الاتصال، عن سعادته بقرار غورباتشو كاشفا وعن تأييد حزبه المطلق له، وبذلك يكون غورباتشو أقرب إلى الحزب الشعبي اليميني منه إلى الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني. وبالمقابل، خلف هذا القرار إدانة واسعة في صفوف الجمعيات المهاجرة في إسبانيا التي اعتبرت تصريحات وزير التشغيل الإسباني خطيرة، لأنها تحاول ايهام الجميع بأن الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها الجارة الشمالية ناتجة عن الهجرة._وربط البعض الآخر منطقيا بين حديث إسبانيا عن وقف الهجرة الشرعية وارتفاع مستويات الهجرة غير الشرعية في السنة المقبلة، بحكم أن الذين كانوا يرغبون في دخول التراب الإسباني بطريقة قانونية سيبحثون لأنفسهم عن منافذ أخرى بعدما ستغلق هذه الطريق في وجوههم، كما أنه قرار يضرب في الصميم كل خطابات الحكومة الاشتراكية حول تنظيم مجال الهجرة وتشجيع الهجرة القانونية كأحد سبل القضاء على قوارب الموت. وهو ما يراه الأمين العام لحزب اليسار الموحد الإسباني غاسبار غاماساريث، الذي شدد على أن القرار سيترتب عنه ارتفاع الهجرة السرية، ومن جهة أخرى، اعتبر ملاك المعامل وأرباب الضيعات الفلاحية أن هذا الإجراء ستكون له انعكاسات سلبية، بحكم أن الإسبان يرفضون القيام ببعض المهن التي ينجزها عادة المهاجرون مثل جني الفواكه في الحقول والتنظيف وبعض المهن القاسية التي بات الإسبان يتركونها لليد العاملة المهاجرة في السنوات الأخيرة._ وسيؤثر هذا القرار، في حالة تنفيذه، على الاتفاقيات التي تربط الحكومة المغربية بنظيرتها الإسبانية و التي بناء عليها يغادر عدد من العمال الموسميين المغاربة إلى إسبانيا من أجل العمل في الحقول الأندلسية وفق مخطط يرمي إلى عقلنة الهجرة والتخفيف من ظاهرة الهجرة السرية، ويأتي من المغرب سنويا قرابة 15 ألف عامل للعمل في المزارع في الأندلس وكاتالونيا. ولهذا يبقى تطبيق قرار الوزير ضربة للعمال الموسميين المغاربة. _وقدانتشر القلق في صفوف المهاجرين المغاربة الموجودين باسبانيا بسبب ما يسمعونه من أخبار حول منع الهجرة القانونية وما يعيشه عدد كبير منهم من بطالة منذ شهور، إذ إن عددا منهم قام بترحيل عائلاته إلى المغرب، وبقي في اسبانيا يعيش من تعويضات البطالة التي تدفعها الحكومة الإسبانية، وفي ظل هذا الوضع سرت شائعات في أوساط المهاجرين المغاربة بأن السلطات الإسبانية، تمنع دخول المهاجرين الموجودين في حالة عطالة بعد مغادرتهم لأراضيها، وهي اشاعات لا تجد من ينفيها أو يؤكدها وتؤثر كثيرا على نفسية المهاجرين. والواقع أن حكومة ثباتيرو عملت وفق هذا المنطق منذ إعادة انتخابها في شهر مارس الماضي بإعلانها عن مبادرة لتعويض المهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم الأصلية وتسهيل قروض بنكية صغيرة لهم لإنجاز بعض المشاريع التي تجعلهم يتخلون عن حياة الهجرة في شبه الجزيرة الأيبيرية، مثلما قرئ وقتها أن تعيين كورباتشو وزيرا للتشغيل إشارة إلى تشدد مستقبلي لإسبانيا في هذا الملف