تعرض يوميا على محاكم المملكة ابتدائيا وجنائيا قضايا الاعتداء بالسلاح الأبيض، المقرونة بجرائم السرقة، والسرقة الموصوفة، والضرب والجرح، وإحداث عاهة مستديمة، والقتل المفضي إلى الموت دون نية إحداثه، و الخطف، والنشل، واعتراض المارة. وقد أضحى تأبط سكين، أو سيف، أو مدية من طرف محترفي اللصوصية، والتجار الصغار للمخدرات (شيرا، قرقوبي، كوكايين، هيروين) أمرا عاديا، لكونهم يقتاتون من مردود مداخل «مهنهم» هاته، حيث أن المؤسسة السجنية في عرفهم فضاء للعطلة أو مكان لاستراحة المحارب، والاطلاع على ما استجد في عالم الإجرام، بل إن بعض هذه الفئة قال في شأنهم وزير العدل عبد الواحد الراضي مايلي: لقد تغيرت أوضاع السجن منذ 3 أو 4 سنوات بفعل التغير الذي طرأ على السجناء، سواء من حيث النوع، أو جانب الكم، إذ أن عدد السجناء المحكوم عليهم في إطار ملفات المخدرات ارتفع كثيرا، وهم بطبيعة الحال غير السجناء الحق العام، ولا من حيث الأموال التي يستعملونها ويتصرفون فيها، بارونات المخدرات بهذا المعنى يملكون الوسائل التي تمكنهم من التحكم في السجناء، كل هذه العناصر خلقت جوا خاصا، بما في ذلك العلاقة بين الحراس والسجناء...). ولكي لانتيه في عالم السجن نرجع لموضوعنا لنؤكد أن تفشي ظاهرة حمل السلاح أضحت تشكل خطورة بالغة، وأنه إذا كانت تكلفتها المعنوية لاتقدر بثمن فإن فاتوراتها المادية باهظة، حيث هناك من الضحايا من يفقد أحد أعضاء جسمه، كالعين، أو الأذن، أو الأيدي أوبتر الأصبع، أو يتعرض لتشوه في الوجه. والملاحظ أن العربدة بالسلاح الأبيض تكون في الغالب ناتجة عن تناول المعجون، والأقراص المهيجة، أو استنشاق مادة «السليسيون» أو احتساء «الجانكا» و «الكحول» و «الماحيا»، حيث هناك حالات يعاني منها قاطنو بعض الأحياء الويلات، بل إن هذه الوضعية تمتد الى عقوق الوالدين وعبر الاعتداء عليهم بالضرب والشتم. إن مجابهة هذا الواقع المؤلم والمؤسف يفرض بشكل آني إلزام الخدمة العمومية بالمؤسسات السجنية التي يوجد بها جيوش من العاطلين، كما أقرت ذلك إحدى توصيات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وتشديد العقوبة الحبسية والغرامات المالية بموازاة التحسيس بخطورة الظواهر الإجرامية والتعريف بالمقتضيات القانونية عبر القنوات الإعلامية الرسمية، إضافة الى الانكباب على مشاكل حالات العود والاكتظاظ بالسجون التي أصبحت وكأنها قدر محتوم، أو مرض يستعصي علاجه من قبيل مرض السيدا المعدي، أي أن التراخي في عدم الحد من مظاهر الإجرام يمكن وهذا وارد جدا أن ينعكس أيضا على الجانب السياحي، خاصة في ظل ثورة التكنولوجية المعلوماتية.