ناقشت صحيفة« كريستيان ساينس مونيتور»، ما سمته الفجوة بين الحقيقة والمصالحة في الجزائر، لا سيما أن ذوي الضحايا، الذين اختفوا إبان عشرية العنف في تسعينيات القرن الماضي، ينشدون الحقيقة قبل المصالحة، وسط إصرار الحكومة على طي صفحة الماضي، وتقديم تعويضات لهم. وتتبعت الصحيفة أقوال بعض ذوي الضحايا، منهم حسن فرحاتي، الذي يقف كل يوم أربعاء على مدى 11 عاما، أمام لجنة حقوق الإنسان الجزائرية، ويلوح بصورة شقيقه مصطفى المفقود. ويجتمع مع فرحاتي عشرات آخرون من الرجال والنساء يرفعون صور أحبائهم، الذين يقولون إنهم فُقدوا على أيدي قوات الأمن الحكومية خلال العشرية السوداء التي حصدت أكثر من 200 ألف قتيل بين عامي 1991 و2000. وهؤلاء جميعهم باتوا أعضاء في منظمة "أس.أو.أس مفقودون" الحقوقية التي مارست الدفاع والعمل باسم تلك العائلات، للفت الأنظار إلى مصير الضحايا الذين تترواح أعدادهم ما بين ستة آلاف و15 ألفا. وتتهم هذه المنظمة حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي فاز في الانتخابات الأخيرة، بولاية رئاسية ثالثة، برفض التحقيق فيما وقع لهؤلاء المفقودين، وتقول إن الحكومة تحاول أن تضيق عليهم لوقف نشاطاتها بشأن هذه القضية، وأن تقدم التعويضات لذوي الضحايا. يقول فرحاتي , الذي فقد شقيقه عام 1998 "إن الحكومة تريد أن تعطينا المال، ومن ثم تغلق القضية، ولكننا لا نريد مالهم، بل نريد التحقيق في ما حصل لعائلاتنا". جدوى المصالحة هنا تساءلت الصحيفة عن جدوى المصالحة في مجتمع عصفت به صراعات على مدى سنوات طويلة، وسط مطالبة الحكومة لشريحة كبيرة من العائلات بطي صفحة الماضي. وتعليقا على مشروع المصالحة الوطنية، الذي مررته الجزائر عام 2005، يقول مؤيدو المشروع، إن "على الجزائر أن تنسى ماضيها إذا أرادت أن تخطو إلى الأمام". غير أن فرحاتي، ومن في مثل حاله يرون غير ذلك، ويقولون إن المشروع يمنح الحصانة لمنتهكي حقوق الإنسان، ويشطب حقوق العائلات المنكوبة بمعرفة مصير أبنائها. يُذكر أن مشروع المصالحة الوطنية أنهى الصراع بين الدولة والمسلحين، وعرض تعويضات مالية على عائلات الضحايا، ولكنه في نفس الوقت جرم من ينتقد الحكومة على تصرفها إبان الصراع، مما يوصد الباب أمام أي تحقيقات مستقبلية.