يلتقي أربعة أشخاص، في فضاء ما، في شكل أطلال قديمة لم يبق منها سوى جدار واحد، يحجب أكثر من حقيقة، والتجأت الشخصيات الأربع إلى ذلك الفضاء بغرض تحقيق رغبات محددة، دون سابق موعد، حتى أنه أصبح كل واحد يتضايق من الآخر، كون رغباتهم تتصادم إلى حدود التناقض، فإثري يريد أن يستمتع بجمال الضوء وغيره يتابع مسارات وبطولات أجداده المغاربة منذ فجر التاريخ، فهو عاشق للنور وقد جاء إلى هذا الفضاء ليدخل في حوار مع الضوء ، كي يطلب منه أن يزيد من نوره، ليشبع رغبته في النور، عكس «أكو» الذي يعشق الظلام، وأراد أن يشبع رغبته في الظلام الدامس، فمن وجهة نظره ليس هناك ما يستحق المشاهدة، لأن الأشياء والوجوه قد بدلت ، وأصبحت مجرد أقنعة، الظلام عند «أكو» هو الملاذ هو الذي يخفي فضائح البشر وعيوبهم، لذا يطلب في كل مرة أن يزداد الليل حلكة وسواداً وطولا أيضاً. و «تومرت» غادر عالمه المعتاد نحو فضاء المسرحية ليشبع رغبة الضحك، فمجموع التصرفات التي يقوم بها البشر تستوجب الضحك والسخرية، من قبيل التنكر للذات المغربية العريقة والمتأصلة واستيراد خصوصيات الشعوب الأخرى، على عكس الشخصية الرابعة التي هي «أمشوم» الذي وجد ضالته في البكاء، لما طال ثقافته من تشويهات، وتزوير ، فليس هناك إلا ما يستحق البكاء. الأمر إذن يتعلق بالتقاء متناقضات في فضاء واحد (الضحك، البكاء، الضوء، الظلام) بالشكل الذي تسقط معه كل رغبة الرغبة الأخرى، مما يجعل الشخصيات الأربع واحدة تتضايق من الأخرى، فالذي يريد النور يحجبه عنه عاشق الظلام، والآخر يزعج الضاحك وهكذا. هناك إذن فوق الخشبة أزمة إشباع رغبات، مما تولدت عنه رغبة مشتركة هذه المرة، هي ضرورة وجود شخصية خامسة لتدبير هذه الأزمة، تحاول تنظيم إشباع الرغبات لشخوص المسرحية، تظهر شخصية «امزايبي» رغبة الظفر بالسلطة، فيدفع شخوص المسرحية للتصويت عليه وانتخابه ممثلا لهم، موهما إياهم أنه سيحقق كل رغباتهم إلا أنه بمجرد فوزه في الانتخابات، اتجه نحو تحقيق رغباته هو، والتي تكمن في تحقيق ثنائية المال والسلطة، دون أي اهتمام بطلبات منتخبيه، هؤلاء الذين أصبحوا أداة يفجر فيها «امزيبي» ساديته المفرطة. الظلم الذي عاش فيه كل من «أمشوم»، أكو، تومرت، وإثري، أدخلهم في فرضية إمكانية انبعاث من يخرجهم من بطش «أمزيبي» وقهره، فدخلوا في انتظارية ذلك الشخص الذي يأتي أو لا يأتي، كما صنعوا لأنفسهم أحلاما ورغبات جديدة، سيعرضونها عليه. في لحظات اليأس، والشك يظهر الشخص في مشهد صوفي رهيب، تتساقط عند رجليه شخصيات المسرحية، ينقلون إليه معاناتهم وآلامهم وما لا قوه من أمزيبي. لكن سرعان ما يكشف الشخص عن وجهه، ليكتشف الممثلون أنه ليس إلا أمزيبي تظهر تانيرت - ن - تيمي (ملاك الحرية)، وتخبرهم أن مشكلتهم هي الإتكالية والاعتماد على الغير. فقط على الإنسان أن يعي ذاته التي بداخلها كنوز ثمينة قابلة للاستثمار دون حاجة إلى مرشح كاذب.