في الأمسية الشعرية ألقت الأخت نعيمة خلدون كلمة ترحيب بالمناسبة ودبجتها بكل حمولة الوجع.. والألم الذي نتقاسمه معها في هذا الوطن، وأننا بالروح والقلب والدم مع نضال المرأة في غزة .. في فلسطين ، طائر الفنيق هذا الذي يبعث من رماده من كل أزمة ومن كل حرب أكثر قوة وأشد عنفوانا.. بمشاعر المحبة والاعتزاز الصادقة أشكركم على تلبية دعوة منظمة المرأة الاستقلالية، وعلى تشريفنا بحضوركم في هذه الأمسية الشعرية التي تعقدها المنظمة لنعبر جميعا بالفكر والوجدان من خلال الكلمة المبدعة للشاعرات: مالكة العاصمي، أمينة المريني، إكرام عبدي، لطيفة المسكيني، للتعبير عن دعمنا ومساندتنا وتضامننا المطلق واللامشروط للقضية الفلسطينية العادلة والمشروعة التي قال عنها الزعيم علال الفاسي شهيد الوحدة الترابية والقضية الفلسطينية حيث وافاه الأجل المحتوم وهو يدافع عنهما خارج أرض الوطن حيث قال: «إن فلسطين أعظم مأساة أصابت المسلمين»، ولنعبر أيضا عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني المجاهد الصامد الذي يواجه طيلة الستين سنة عمر النكبة، يواجه في كل لحظة وفي أقسى الظروف وأحلكها ظروف الحصار الظالم. يواجه قوة غاشمة ومتغطرسة مطلقة اليدين لا تقيم وزنا ولا اعتبارا لكل القيم الإنسانية النبيلة ولا تعبر ولا تثقن سوى لغة الحرب والدمار والتخريب والتقتيل ولا يسلم من أذاها لا شيوخ ولا نساء ولا أطفال ولا زرع ولا ضرع. كما نعقد هذه الأمسية أساسا لدعم النساء الفلسطينيات المتواجدات فوق كل شبر من أرض فلسطين السليبة وخاصة في غزة نساء غزة الشهيدات الجريحات التكالى والأرامل، وأيضا الماجدات الباسلات المؤمنات الصابرات اللواتي قدمن أروع صفحات البطولة الحقيقية والصبر الجميل والقدرة على تحمل ما لم يستطع العالم رؤيته من خلال صور العدوان على غزة، فكل العواطف والكلمات النبيلة موجهة إليهن. لقد خلد العالم 8 مارس لهذه السنة وهي المناسبة التي تقف فيها المجتمعات وقفة تأمل في أوضاع النساء، إننا نهيب بهذا العالم وبهذه المجتمعات التي تألمت وتضامنت وهتفت وغضبت مما تعرضت له غزة وأهل غزة، نهيب بها أن تعمل من أجل التعجيل بوضع حد لمأساة شعب برجاله ونسائه وأطفاله وأرضه دامت أكثر من ستين سنة. إننا كشعوب عربية وإسلامية مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تقديم صورة جديدة عن أحوالنا، عن أوضاعنا تجعلنا قادرين على المحافظة على أشكال وصيغ الدعم والمساندة والمساعدة ويقظة ضمير الأحرار التي ظهرت وعبرت عن نفسها خير تعبير خلال العدوان. صحيح إن تاريخنا السياسي المعاصر ملأته الانكسارات والنكسات لكنه يحمل أيضا في طياته لحظات انتصار لا تنسى، مواجهات الاستنزاف، معركة الكرامة وأشكال العمل الفدائي الفلسطيني، معركة العبور، صمود لبنان وصمود غزة رغم عدم تكافؤ القوة في كل هذه المواجهات إلا أن هذه اللحظات التاريخية الهامة تحيي الآمال المشروعة لدى الجماهير الواسعة من هذه الأمة ومطلوب منا كل من موقع مسؤوليته أن نحافظ على توهجها وقوتها ووحدة صفها لتظل باستمرار مؤشرات حقيقية وقوية تؤكد أن اليوم أفضل من الأمس وأن الغد أفضل من اليوم ونحن في منظمة المرأة الاستقلالية ومن منبر هذه الأمسية التضامنية نؤكد على مطالبنا الدائمة المتعلقة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني نتقدم بها إلى أمتنا وإلى قادتنا وأحرار هذا العالم. على مستوى المجتمع الدولي نؤكد على مطلب متابعة الجناة ومرتكبي جرائم الحرب ضد الإنسانية في غزة ومعاقبتهم وبالكف عن الكيل بمكيالين وإخضاع كافة أطراف الصراع للقرارات الدولية العادلة التي يجب أن تراعي مصالح كافة هذه الأطراف وفي مقدمتها تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة الكاملة السيادة وعاصمتها القدس مع التعجيل بإنهاء كافة أشكال الحصار المضروب على الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة. وبالنسبة للأمة العربية والإسلامية نجدد مطالبتنا لها بالتعجيل لنبذ الخلافات والعمل على توحيد الصف والكلمة والتعامل مع قضية العرب والمسلمين الأولى، القضية المركزية والقضية الفلسطينية بما تفرضه خطورة وتعقد هذه القضية وبما تستدعيه انعكاساتها العميقة على الجميع وبصفة خاصة على أمننا القومي واستقرارنا السياسي والاقتصادي الذي لابد منه لنواصل معركة البناء والنماء كما جاء في دعوة جلالة الملك إلى ضرورة تبني استراتيجية قومية مبنية على الأخوة والتضامن وعلى أساس الجدية والواقعية والقومية الصادقة. وليس هذا بعزيز على إرادتنا وعلى إيماننا بقيمنا الإسلامية السمحاء. وقبل أن أترك الكلمة للشعر والإبداع أريد أن أختم كلمتي هذه بفقرة عميقة في مضمونها ورسالتها للزعيم علال الفاسي، ضمنها في التقرير الذي تقدم به سنة 1967 إلى المؤتمر الثامن لحزب الاستقلال قال فيه رحمه الله «إن الأمة الإسلامية قادرة على أن تحفظ التوازن بين القوى المختلفة وتساعد على نشر السلام وبعث روح الإيمان والطمأنينة في النفوس البشرية، وقد نكبت بالاستعمار فقاومته وبالتخلف وماتزال تصارعه، فعليها ألا تخطئ السبيل الحق لتتمكن من الخروج منتصرة ظافرة وتؤدي رسالتها في المستقبل كما أدتها في الماضي».