بحلول شهر أبريل القادم من هذه السنة يكون قد مضى على تأسيس التعاون الوطني 52 عاماً.. سنوات طويلة من العمل الدؤوب في خدمة التنمية تتخللها قائمة طويلة من الإنجازات التي تحققت وأخرى توجد قيد الإنجاز تجعلنا أكثر اطمئناناً إلى مستقبل هذه المؤسسة التي التصقت أقدامها قويّة راسخة بعالم الفقراء والمهمشين وتخطّت أدواراً متعدّدة سواء من حيث تطوّر أنواع الخدمات الاجتماعية المتجدّدة أو من حيث مراكز التكوين والتربية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تشرف عليها.. بل وامتدّ نطاقها إلى حماية الهدر المدرسي في العالم القروي حيث لايزال المواطن يعيش في ظروف معيشية بالغة الصعوبة ويفتقر إلى الخدمات الأساسية والمقومات الضرورية لحياته واستقرار عائلته. وتمثّل هذه المناسبة الكثير للذين عايشوا مسيرة التعاون الوطني منذ تأسيسه على يد المغفور له محمد الخامس طيّب الله ثراه.. وأقلّ ما يمكن قوله في هذه الذكرى هو أن التعاون الوطني استطاع تحقيق نجاحات عدّة. في مواجهة الكثير من الصّعاب التي تجاوزها بفضل المجهودات الجبّارة والمضنية التي يبذلها بتفان وإخلاص كلُّ العاملين فيه بما لديهم من مؤهّلات ومهارات وخبرات أهّلتهم لأن يكونوا بحقّ نخبة رائدة في العمل الاجتماعي تملك القدرة على بلورة تطلّعات المجتمع وصياغتها في خطط وبرامج . كما تملك القدرة على تنفيذها بكفاءة وفعالية. إنّ تاريخ التعاون الوطني الطويل يجعله من أكثر المؤسسات عراقة إضافة إلى ذلك فإنه من أحرص هذه المؤسسات على التجديد والتحديث وتتجلّي مظاهر حداثة التعاون الوطني في مقدرة إدارته على زيادة كفاءتها وفاعليتها باستمرار معتمدة في ذلك على البرنامج، والفاعلية، والإدراك العميق للمتغيرات التي تحكم العمل الاجتماعي وكما أن الماضي دليل قاطع على سلامة الدّرب الذي سار عليه التعاون الوطني فإنّ توجّهه نحو المستقبل سوف يستمرّ بنفس الزخم تحكمه مجموعة من العوامل الأساسية وعلى رأسها علاقته بالفئات الاجتماعية التي تعاني من الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي ورغبته الأكيدة في الوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم... ويمكن اعتبار أداء التعاون الوطني وتجنّده لخدمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية محطة متميزة من محطات النجاح الذي حققه في السنوات الخمس الأخيرة. إنّ الظروف الموضوعية الآن، تفرض على التعاون الوطني بذل المزيد من الجهود والمساهمة الفعالة في وضع البرامج الاجتماعية والمشاريع التنموية وخلق ظروف أفضل ومناخ منضبط للعمل والتعامل بالإيجابية مع المتغيرات للنهوض به مجدّداً من منطلق رؤية مستقبلية محدّدة باستراتيجية وأفق، وبأهداف واضحة وأولويات مدروسة، تعتمد على إدارة التنمية نهجاً وأسلوباً ووسيلةً من خلال قناعات ذاتية وتوجّهات ذهنية راسخة تلتحم معها إرادة جادّة وقدرة على التطبيق والأداء الكيفي.