فيصل قراف تطرق برنامج ضيف واختيار الذي تقدمه الاذاعة الوطنية من الرباط في عدة حلقات للحديث عن الاغنية الوطنية المغربية، والمناسبات التي أدت الى ميلاد هذه الاغاني باستدعاء العديد من الضيوف الموسيقيين الذين تناولوا تجاربهم في تهييء الاغاني الوطنية الجميلة، التي مازلنا نتغنى بها حتى اليوم، وأعاد معدو البرنامج مشكورين ذاكرتنا لتلك الايام والالحان المرتبطة بانجازات وطنية، وقد كان البرنامج يقدم بين الفينة والأخرى نماذج من هذه الأغاني.. التي تشعرنا بالنخوة المغربية. مقرونة بالكثير من الإفادات التي كان يغنيها الباحث رشيد أبو تاج.. هذا الاخير أبحر بنا في الاسبوع الماضي الى بداية الارهاصات الأولى وظروف ميلاد موسيقى السلام الوطني منذ 1873 حتى عام 1969 حيث بدأ التفكير جديا في نسج شعر يصاحب السلام الوطني، ليصبح النشيد الرسمي الوطني المغربي. وتحدث الاستاذ رشيد ابو تاج عن المراحل الاولى التي تعود لعهد المولى الحسن الاول حينما تولى القائد البريطاني هنري ماكلين مشروع انشاء فرق موسيقية داخل البلاط السلطاني، ثم بدأ إعداد معزوفة السلام السلطاني الحسني، وكان نفس القائد يسهر على إعداد الجيش، والموسيقى العسكرية.. وانتقل البرنامج الى النشيد الوطني الحالي، الذي كتب شعره الاديب الديبلوماسي مولاي على الصقلي فروى تفاصيل ذلك. حيث جاءت الفكرة من وزير الانباء الأسبق بدر الدين السنوسي إثر حضوره دورة افريقية لكرة القدم عام 1969، وقبل انطلاق المباراة كان الملعب مملوءا عن آخره، وكان الجمهور يردد النشيد الوطني للبلد المضيف بشعر حماسي، فألهب ذلك حماس الجمهور، كما كان اللاعبون ايضا يرددون نشيد بلادهم. فخطرت الفكرة بباله، وقرر عرضها على الملك الراحل الحسن الثاني الذي رحب بها، وأمر الوزير بإبلاغ الشعراء والأدباء بإعداد نشيد وطني شرط الاحتفاظ باللحن الحالي والمعروف لدى المغاربة وهو غربي في الاصل لكون المغفور له محمد الخامس كان معجبا به. وأعرب مولاي علي الصقلي في البداية عندما اقترح عليه السنوسي كتابة شعر يكون بمثابة نشيد المملكة عن عجزه كتابة شعر على مقاس اللحن، وكان الحسن الثاني نفسه اقترح اسم مولاي علي لكي يكون ضمن الشعراء المكلفين بنظم النشيد ورغم تعلله بالعجز وبإلحاح من الوزير فقد استعان بشريط سجل فيه لحن السلام الوطني أكثر من 100 مرة وبالاستماع المتكرر له نسج على منوال الموسيقى نشيد «منبت الاحرار» لينطلق اعتماده رسميا في أوائل السبعينيات. وأعاد الفنان مولاي رشيد الركراكي صياغة ووضع لحن النشيد الوطني بالشكل النهائي وبتوزيع موسيقي جديد عام 2000. برنامج ضيف واختيار استضاف في ملفات سابقة عدة أسماء فنية وطنية مرموقة وكان بمثابة توثيق لأهم مراحل رواد الأغنية المغربية عموما، وهو بالتالي برنامج جيد، ويستحق ان تعاد تسجيلاته، في مناسبات أخرى.