والصمت المطبق للمنتخبين والسلطات يثير احتجاج واستنكار الرأي العام المحلي محمد طارق حيون على الرغم من التهاطل الغزير لأمطار الخير على منطقة الشمال المغربي خلال الأسابيع الماضية، فإن ساكنة كل من أقاليم ومدن تطوانوالمضيقوالفنيدقومرتيل، لا تزال تعاني الأمرين بسبب استمرار انقطاع الماء الصالح للشرب عن منازلهم ومحلاتهم التجارية ومختلف المؤسسات والمنشئات ولمدة تتجاوز 16 ساعة يوميا. مما أثار ويثير سخط الرأي العام المحلي ، خصوصا مع توصلهم من الشركة المفوض لها أمر تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل (أمانديس)بداية الشهر الجاري بفواتير مرتفعة الثمن، ولم يسبق لها مثيل. وحسب معطيات استقتها جريدة "العلم" من مصادر مطلعة وعليمة، فإن المقاييس المسجلة في سدود منطقة تطوان وإلى غاية نهاية الأسبوع الماضي بلغت ما يلي: سد أسمير : 4,16 م.م و سد مولاي الحسن بن المهدي (الروز) : 3.43 م.م و سد النخلة : 4.00 م م ، حيث تجاوزت نسبة الملء 80% و سد واد مارتيل، الذي لم يتم الانتهاء من الأشغال به ، تجاوزت نسبة الملء به 9 ملايين م.م. وعلى النقيض مما سبق ذكره، قالت شرفات أفيلال الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء في تصريح صحافي لها على هامش مائدة مستديرة عقدتها الكلية المتعددة التخصصات بمرتيل يوم الخميس الماضي"إن مشكل الماء الذي تعرفه مدينة تطوان سببه ضعف التساقطات والعجز الحاصل على مستوى السدود التي تزود المدينة لعدة سنوات. كما أشارت إلى أن المدينة سجلت خلال الثلاث سنوات الماضية، عجزا مهما على مستوى التساقطات وعلى مستوى الموارد المائية. و أردفت"لذلك ارتأينا مع الفرقاء المعنيين (المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب و شركة أمانديس المكلفة بتوزيع الماء على مستوى الجماعات المجاورة لتطوان ) قطع الماء للتمكين من التدبير العقلاني لفترة محدودة ريثما يتم استكمال مشروع جلب الماء من سد طنجة المتوسط الذي وفرت له ميزانية تبلغ 120 مليون. و أكدت ذات المتحدثة على أن هناك مشروع آخر في حال إذا لم تكف التساقطات لسد الخصاص وهو الاعتماد على سد مولاي بوشتى بطريق شفشاون. ويذكر أن قرار إنشاء سد واد مرتيل جاء بناء على دراسات علمية متخصصة ودقيقة خلصت إلى أن تزويد إقليمي تطوان و المضيقالفنيدق بالماء سيعرف صعوبات ابتداء من سنة 2015 نظرا لعدة أسباب من بينها ارتفاع عدد السكان وزيادة الإقبال السياحي خلال فصل الصيف على المنطقة و كذا التبذير الناجم عن سقي المساحات الخضراء بالماء الصالح للشرب، وامتلاء السدود المزودة للمدينة بالطمي والوحل مما يجعل قدرتها الاستعابية في تراجع مستمر. فسد مرتيل الذي أعطيت انطلاقة الأشغال به في مارس 2008 كان يفترض أن يصبح جاهزا خلال يونيو 2013. وبفضل حقينته المرتفعة (130 مليون متر مكعب)، كان يفترض أن يؤمن تزويد المنطقة بالماء بشكل طبيعي بالإضافة إلى حماية المدينة من الفيضانات. إلا أن هذا السد الممول من طرف البنك العربي للتنمية و البالغة ميزانيته 950 مليون درهم لم تنته أشغال إنجازه حتى الآن، أي أن التأخر بلغ أزيد من ثلاث سنوات ونصف. والأدهى أن هذه الأشغال شبه متوقفة لأسباب مجهولة وغامضة في آن واحد، وليس هناك أية جهة رسمية تحملت مسؤولية تقديم توضيحات حول هذا الموضوع، مما يجعل باب التكهنات كلها مفتوحة في اتجاه وجود اختلالات في الإنجاز تهدد سلامة السد وتطرح علامات استفهام عريضة وتساؤلات مشروعة حول الصفقة والشركة المكلفة بالإنجاز من قبيل: هل هناك تصدعات خطيرة في البنية التحتية لسد مرتيل؟ وهل تأخر الأشغال بسبب هذه الإختلالات؟ وهل هناك إمكانية لإصلاح هذه الأعطاب؟ ومتى ستنتهي الأشغال بالسد؟ وهل الشركة لم تكن مؤهلة لإنجاز الصفقة؟. ولعل الإجابة عن الأسئلة السابقة هو من أوجب الواجبات على الجهات المسؤولة، والتكتم على الموضوع يدخل في نطاق الممارسات المنافية للديمقراطية والمخالفة للدستور المصادق عليه من طرف المغاربة يوم فاتح يوليوز من سنة 2011، والذي ينص على حق المواطنين في المعلومة (الفصل 27). كما أنه إذا ثبت وجود اختلالات في انجاز المشروع، فالقضاء مطالب بفتح تحقيق موسع ومساءلة المتسببين. خلاصة القول أن المتخصصين والمتتبعين للمجال المائي بتطوان، كانوا قد دقوا ناقوس الخطر خلال بداية السنة الحالية، حول قرب حدوث مجاعة مائية بمنطقة الشمال بسبب سوء التخطيط وتبذير المياه، كما طالبوا قبل حلول فصل الصيف بضرورة اتخاذ إجراءات احترازية ووضع الاحتياطات اللازمة لفصل الخريف، لتفادي الوقوع فيما لا تحمد عقباه، لكن صمت الآذان وصمت جميع المسؤولين من سلطات عمومية ومنتخبة عن الكلام المباح ووصل مخزون السدود إلى أدنى المستويات، وهاهي ساكنة تطوان والنواحي تؤدي اليوم ضريبة سوء التخطيط في مجال التدبير المائي لمدينة سميت في الأصل من طرف الأمازيغ ب"تطاوين" أي العيون، نظرا لوفرة المنابع المائية بها وجريان وديانها طول السنة.