عزيز اجهبلي أصدر المجلس الأعلى الهولندي وهو أعلى هيئة قضائية في هولندا أخير حكم البراءة في رجل كان قد وصف الإسلام بالوباء الخبيث. ويرجح المهتمون بقضايا الجالية المسلمة المقيمة بهولندا أن يكون لهذا الحكم نتائج على القضية المرفوعة ضد النائب البرلماني «خيرت فيلدرز». وتقول مصادر عليمة إن المجلس الأعلى الهولندي خلص عبر هذا الحكم إلى أن انتقاد الإسلام أو الإساءة إليه لا يعني بالضرورة الإساءة للمسلمين. وأضافت ذات المصادر أنه سبق لأحد الهولنديين أن صرخ في العام 2004، بقوله «أوقفوا هذا الورم الخبيث الذي يسمى الإسلام» وعلق ملصقا بهذه الصيغة على نافذة بيته في » فالكنسفاد?. وبعد سنة حكمت عليه المحكمة بالسجن أسبوعين مع وقف التنفيذ لوصفه الإسلام كوباء السرطان، وتأكيده على أن الأمر يتعلق بوباء خطير ينبغي استئصاله، ولهذا رأت المحكمة الابتدائية أن الرجل مذنب وتجنى بالقول على الإسلام و على المسلمين، وهكذا قضت محكمة الاستئناف في العام 2005. لكن هذا حكم المحكمة قد ألغي الآن؛ إذ قضى المجلس الأعلى بأن القانون لا يجرم الإساءة إلى الدين، حتى ولو أثرت الإساءة على أتباع تلك الديانة. ورأت المحكمة أن ذلك الملصق، حتى ولو أساء إلى المسلمين، ليس سببا كافيا لتعميم الإساءة على الجالية المسلمة كاملة. واعتبر المجلس في نفس الوقت أن ما قاله الرجل « يؤثر بالتأكيد» على مجموعة من الناس يميزهم انتماؤهم الديني عن الآخرين. وترى العديد من الجهات أن هذا القرار ستكون له تبعات على القضية القادمة ضد السياسي المعادي للإسلام «خيرت فيلدرز»، الذي سيمثل أمام المحكمة في أمستردام بسبب تصريحاته حول الإسلام والمسلمين. وكانت المحكمة قد قضت بأن خيرت فيلدرز الذي اشتهر عالميا من جراء إساءته على الدين الإسلامي، وتورطه في التمييز ضد المسلمين بمقارنته الإسلام بالنازية، والقرآن بكتاب «كفاحي» لأدولف هتلر. ومع القرار الجديد، تقول المصادر ذاتها إن المجلس الأعلى سيدقق كثيرا للتأكد مما إذا كانت تصريحات فيلدرز تقصد المسلمين. ولا يتضح من الحكم الأخير كيف سيتعامل المجلس لاحقا مع قضية فيلدرز. فقضية الإساءة لمجموعة من الناس، هي قضية واحدة من بين القضايا الأخرى التي يلاحق بشأنها خيرت فيلدرز. ويتابع هذا النائب البرلماني أيضا بتهم التحريض على الكراهية والتمييز العنصري. بينما اقتصرت التهمة في القضية التي فصل فيها المجلس على الإساءة إلى مجموعة من الناس على خلفية انتمائهم الديني، ولم يتضح بعد متى سيمثل خيرت فيلدرز أمام القضاء. ولا تعتبر هولندا بعيدة عن التأثيرات والتفاعلات التي تحصل في العالم الغربي. فعدد المسلمين الهولنديين يقدر ب 900 ألف مسلم، أقاموا 50 مسجدا في مختلف المدن الهولندية. ويمثلون أكبر أقلية دينية في هولندا ولهم سبعة أعضاء مسلمون في البرلمان ويرى بعض الباحثين في قضايا الهجرة أنه يعاب على المسلمين تشتتهم، وقد أسس أول مسجد في مدينة أمستردام عام 1975. وفي استطلاع للرأي قامت به إحدى وسائل الإعلام أظهر أن 40 بالمائة من الهولنديين يرغبون في ألا يشعر 900 ألف مسلم يقيمون في هولندا من أصل 16 مليون نسمة «عدد سكان البلاد» في أنهم في بلادهم بعد الآن. وتقول مصادر عليمة إن الهولنديين ينظرون بعين الريبة إلى المسلمين ويحذرون من الاتصال بهم. وينظر ثلث الهولنديين نظرة سلبية إلى المسلمين بينما لا ينظر 14 بالمائة فقط منهم نظرة إيجابية والسدس منهم يشعرون بخطر تهديد المسلمين لهم. وفي السياق ذاته يعتبر موضوع حظر ارتداء الحجاب بالنسبة إلى النساء المسلمات العاملات في الدوائر الهولندية أهم تحد بالنسبة إلى الجالية أوالمنظمات العربية والإسلامية في هولندا التي تحاول أن تشكل ورقة ضغط تمنع صدور مثل هذا القرار الذي سبقت به فرنسا غيرها من البلدان وبات يطرح الآن في أروقة بعض الأحزاب والدوائر الحكومية. وفي سنة2004 تقدم اليمين المتطرف بمقترح حول ارتداء الحجاب بعد أن استمع إلى وجهة نظري وزيري العدل والداخلية في الحكومة الهولندية حول مسألة الرموز الدينية، وذلك خلال إجاباتهما على طلبات إحاطة حول هذا الأمر، واعتبر كل منهما أن ارتداء الحجاب أو أي رمز آخر من الرموز الدينية، لا يمكن أن يمثل مشكلة بالنسبة إلى الموظفين في الدولة طالما أن هذا لا يؤثر في عملهم الوظيفي، ولا يجعلهم يقعون في أمور تتعارض مع اللوائح والقوانين الوظيفية. واعتبرت تلك المصادر أن رد الوزيرين هو الذي دفع اليمين المتطرف إلى التقدم بطلب عاجل لبدء تلك المناقشات، وخاصة أنه يختلف مع هذا الرأي، حيث يرى اليمين المتطرف أن من منطق الفصل بين الدين والدولة يجب على العاملين في المصالح الحكومية عدم ارتداء أي رمز من الرموز الدينية. ويبقى موضوع فرض حظر على ارتداء الحجاب في هولندا مرهونا بمدى تصرف الجالية المسلمة في هذا البلد، وخاصة النخبة منها، ومدى تدخلها أو تجاوزها القوانين الموضوعة هنا من جانب، ومدى جدية التهديدات التي تطلقها الجماعات الإرهابية ضد أوروبا عامة، أو ضد هولندا على وجه الخصوص. ويذكر أن القانون الهولندي حذر من الحديث عن فلسطين معتبرا ذلك معاداة للسامية .