يعتبر العديد من المهتمين بالسياسة الخارجية انتخاب دونالد ترامب رئيسا جديدا لأمريكا، انقلابا جذريا في السياسة الخارجية الأمريكية، مؤكدين أن الرئيس المليونير سيحاول تحسين العلاقات الأمريكية-الروسية، التي طالما شابها التوتر والصراع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. فالوفاق بين ترامب وبوتين يمكن أن يكون الخطوة الأولى لتذويب جليد الخلافات بين البلدين، حيث إن هدفهما الأساسي هو القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية الذي يهدد المصالح الجيوستراتيجية لكلا القوتين العظميين. ما يجعل الاستنتاج الأرجح، هو أن الولاياتالمتحدة في عهد ترامب لا ترى الدب الروسي تهديدا، بل حليفا حقيقيا للقضاء على الإرهاب أو الإسلام في شقه المتطرف. في هذا السياق، اعتبر تاج الدين الحسيني ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية، يمكن أن يطور من العلاقات الثنائية بين روسيا الاتحادية والولاياتالمتحدة حيث إن الرئيس الجمهوري، أشاد طوال حملته الانتخابية بمقومات الريادة التي يتوفر عليها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فضلا عن شخصيته القوية وطريقة تسييره للبلاد. و أضاف الحسيني في تصريح ل"العلم "، أن الحزب الجمهوري طالما كان هدفه هو تمديد النفوذ وإيجاد حلفاء جدد، مشيرا أن الرئيس الأمريكي الجديد يمكنه التعاون مع روسيا، وأن يفوض لها أمورا معينة في بعض المناطق، لكن لا يمكن أن يسمح لهذا التحالف "الروسي – الأمريكي"، بأن يتعارض مع المصالح العليا للولايات المتحدة. على صعيد آخر، يمكن لخبرة ترامب العسكرية والسياسية المتواضعة، أن تهدد المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط الغارقة في الحروب والفوضى السياسية، الشيء الذي يجعل المهمة صعبة أمام السياسة الأمريكية ويفرض عليها تحديات وملفات شائكة تنتظر الرئيس الأمريكي الجديد، الذي سبق أن اعترف في إحدى مناظراته بأن التدخل الأمريكي في العراق سنة 2003 هو ما ساعد على خلق حالة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة. بيد أن السياسية الخارجية الأمريكية تنوي سحب يدها من مستنقع الشرق الأوسط، والتوجه نحو آسيا ومنطقة المحيط الهادي مع الحفاظ على بعض الصداقات في المنطقة، سواء مع إسرائيل باعتبارها حليفا قويا للولايات المتحدة وحارسة لمصالحها في المنطقة أو مع مصر التي اعتبرها ترامب شريكا أساسيا للقضاء على التنظيمات المتطرفة المهددة لأمن الشرق الأوسط. سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب، تختلف عن سياسة سابقه باراك أوباما في منطقة آسيا، حيث يأمل الرئيس الفليبيني رودريغو دوترتي في تحسين علاقته مع الولاياتالمتحدة، بعدما شهدت توترا في عهد أوباما حينما تدخل السفير الأمريكي في الشؤون الداخلية للفلبين. فانتخاب ترامب يعتبر صفحة جديدة في العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين، خاصة وأن الولاياتالمتحدة حليف مهم للفلبين في منطقة جنوب شرق آسيا، بالنظر إلى النزاعات الحدودية مع بكين في بحر الصينالجنوبي. و بدورها، تتطلع الصين لتوطيد علاقتها مع أمريكا اقتصاديا رغم تصريحات ترامب اللاذعة حول زيادة الضرائب على الواردات الصينية، فضلا عن الانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر الهادي، كما تنوي الإدارة الأمريكية الإبقاء على حلفيها الاستراتيجيين كوريا الجنوبية واليابان، اللتين تعتمد عليهما الولاياتالمتحدة في الحفاظ على مصالحها داخل المنطقة، في حين أن الإدارة الأمريكية حازمة في موقفها من التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية، بحيث اشترطت نزع السلاح النووي قبل إجراء أي حوار ثنائي.