يثير استمرار ارتفاع أسعار البنزين والغازوال في السوق المغربية رغم انخفاض أثمانها في السوق العالمية ردود فعل غاضبة لدى جميع المغاربة خصوصا الذين يرتادون محطات الوقود للتزود بهذه المادة. ورغم أن أسعار هذه المواد لم تتجاوز منذ أكثر من سنتين خمسين دولارا للبرميل الواحد فإن أثمانها ظلت ملتهبة في المغرب، وبقدر ما كانت هذه الأسعار تهوي في السوق العالمي بقدر ما كانت ولاتزال ترتفع، وآخر مثال على ذلك أن سعر برميل النفط تراوح خلال الشهرين الماضيين مابين 40 و50 دولارا للبرميل، بيد أن ثمن الغازوال وصل في السوق المغربية إلى أكثر من تسعة دراهم في حين ناهز سعر البنزين 11 درهما للتر الواحد. ولنا أن نوضح أكثر من خلال القول بأن طاقة برميل النفط تصل إلى 159 لتر، بمعنى ودون احتساب الزيوت الغالية التي تستخرج منه خصوصا زيوت الطائرات فإن معدل ثمن اللتر الواحد كان يجب أن يتراوح ما بين درهمين ودرهمين وخمسين سنتيما، وإذا ما أضفنا إلى ذلك الضرائب، وتكاليف النقل والتكرير والهامش المعقول للربح فإن ثمن اللتر الواحد من البنزين لايجب أن يتجاوز ستة دراهم وسعر اللتر الواحد من الغازوال لايجب أن يتجاوز الخمسة دراهم، وهذه ليست الحالة – مع كامل الأسف. عدد كبير من الخبراء يشير بأصابع الاتهام إلى شركات التوزيع وإلى تواطؤ الحكومة مع هذه الشركات لتمكينها من التعويض عن الخسائر التي تدعي أنها تكبدتها خلال فترة سابقة. ويتهم خبراء شركات التوزيع بخرق مبادئ شروط المنافسة النزيهة ودوس القوانين المنظمة لذلك. ويشير هؤلاء الخبراء إلى وجود اتفاق مسبق على السعر بين هذه الشركات، وأنه لا أحد يمكن أن يصدق أن أسعار المحروقات في السوق المغربية تتحدد بحرية كاملة ودون اتفاق مسبق بين محتكري السوق من شركات التوزيع، وأنه لا أحد مقتنع بأن أسعار البترول صعودا ونزولا في السوق العالمية تنعكس على أثمنة المحروقات في محطات البنزين في المغرب بطريقة شفافة ونزيهة، وهذا يعني برأيهم وجود أكثر من شبهة تتعلق بعدم احترام مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة. ومما زاد في حدة القلق والغضب البلاغ التوضيحي الذي أصدره الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والحكامة الذي قال فيه إن الحكومة لم تعد معنية بمراقبة أسعار المحروقات لأنه تم تحريرها منذ مدة، وأنه لادخل للحكومة فيما يحدث وهو رد – اعتبره رواد شبكات التواصل الاجتماعي – تهربا من تحمل المسؤولية وتشجيعا حكوميا مباشرا لشركات التوزيع للمضي في استنزاف وسرقة المواطنين، وهو رد مناقض تماما لما كانت الحكومة قد التزمت به عقب إصلاح نظام المقاصة بتحرير أسعار المحروقات والتي أعلنت آنذاك أنها ستراقب الأسعار صعودا ونزولا لقطع الطريق أمام شركات التوزيع تحسبا للاحتكار وخرق مقتضيات المادة السادسة من قانون حرية الأسعار والمنافسة.