كتب عبد الله البقالي إنها أكثر القضايا سخونة في العلاقات المغربية الجزائرية الملتهبة أصلا بسبب تراكم القضايا الخلافية بين القطرين اللذين قربت بينهما عوامل الجغرافيا واللغة والدين وأبعدت بينهما كثيرا الحسابات السياسية. يتعلق الأمر هذه المرة بقضية مسكوت عنها لم تجد موقعها في ظل تدافع وتزاحم الملفات العالقة، وربما يحصل ذلك بسبب تخطيط جهة من الجهات ليبقى الأمر كذلك. فالجزائر لاتتحدث عنها وتحرص باستمرار على صب كميات كبيرة من الزيت على نار الخلافات خصوصا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، والحدود المغلقة، وربما من فوائد ذلك على الجزائر أنها ناجحة لحد الآن في إنهاء المغرب ومنعه من طرح هذه القضية. الأمر يتعلق بانتهاز الجزائر لجميع الفرص المتاحة لضم مزيد من التراب المغربي الى أراضيها، وطبعا لايتعلق الأمر بمنطقة الصحراء الشرقية الواسعة التي ضمها الاستعمار الفرنسي للأراضي الجزائرية، وحرص المغاربة على عدم طرح هذه القضية مع الفرنسيين وإن عبر الاستعمار الفرنسي عن استعداده لإعادة الأراضي المغربية لأصحابها مقابل امتناع المغاربة عن تقديم جميع أشكال الدعم للثورة الجزائرية التي كانت ملتهبة، لكن المغاربة رفضوا هذه المساومة واعتقدوا أنه بإمكان مناقشة هذا الأمر مع الجزائريين بعد حصول الجزائر على استقلالها، وهذا لم يحصل لأسباب كثيرة، وبذلك فإن القصد بالأراضي المغربية التي ضمتها الجزائر يعني بتلك التي ضمتها بعد الاستقلال وهي كثيرة من قبيل الأراضي المجاورة لقرية (إيش) وهي القرية التي ضمتها الجزائر بعد مواجهات سنة 1963، ومنطقة وادي الزوزفانة المحاذية لفكيك والتي توجد بها أكثر من ثلث ممتلكات النخيل التي تعود ملكيتها لسكان فكيك، ومنطقة جبل ملياس المحاذي بدوره لفجيج ومنطقة حاسي الطفة والتي توجد بها مجموعة من مزارع سكان قبيلة أولاد أحمامة ومنطقة جبل الملح الموجودة قريبا من بوعنان وكان هذا الجبل يعتبر إلى وقت قريب مصدر رزق رئيسي لأهالي بوعنان، إضافة إلى مناطق أخرى شاسعة توجد شرق تندرارة وعين بني مطهر التي كانت تعتبر مناطق رئيسية يستقر بها الرحل. وتشير المعطيات والوقائع إلى أن السلطات الجزائرية استغلت الظروف المناخية القاسية التي مرت بها المنطقة بسبب الجفاف الذي تعاقب عليها طيلة أكثر من عشرين سنة. حيث اضطر مآت الآلاف من السكان إلى الهجرة بحثا عن الماء والرعي والاستقرار، وكانت تترامى على جزء مهم من المناطق المهجورة وكانت تجهزها بالماء الشروب والكهرباء والطرق في رمشة عين، ولا يمكن إنكار أن تهاون السلطات المغربية ولفترة طويلة في إحكام المراقبة على الحدود، ربما لحسابات سياسية أو لعدم تقدير خطورة ما كانت تقدم عليه السلطات الجزائرية أغرى هذه الأخيرة بالاستمرار في سياستها بكل إطمئنان. ورغم وجود بعض محاولات ترسيم الحدود بين البلدين إلا أنها بقيت محدودة ولم تعرض على المصادقة النهائية، والجزائر قد تكون تنهج أسلوب الضغط في قضية الصحراء المغربية لوضع المغرب أمام الأمر الواقع بعدم طرح هذه القضية البالغة الأهمية.