و إن اكتست الرسالة التي وجهها السيد وزير الداخلية محمد حصاد إلى السيد وزير العدل و الحريات السيد مصطفى الرميد في شأن فتح بحث حول عمليات الصيد غير القانونية بمنطقة الحسيمة أهمية كبيرة و استثنائية فإنها تطرح إشكاليات أخرى تفتح أبوابا أخرى حول قضايا أكثر أهمية و خطورة . رسالة وزير الداخلية إلى زميله في الحكومة تؤشر من جهة على احترام مهام و أدوار المؤسسات ، إذ حينما تناهى إلى علم وزير الداخلية ما قد يكون يحدث من تجاوزات فيما يتعلق بعمليات الصيد بالحسيمة ،قرر مراسلة وزير العدل و الحريات ليعطي أوامره للنيابة العامة لفتح بحث في هذا الصدد . كما أن توجيه رسالة في هذا الموضوع ينم عن إرادة حقيقية لدى وزير الداخلية في الوصول بالتحقيقات في الوفاة المأساوية للراحل محسن فكري إلى منتهاها . كل هذا مهم و نسجله بكل الارتياح و الإعتزاز . لكن ، رسالة بهذا المضمون تؤشر على وجود اختلالات في عمليات الصيد بميناء الحسيمة ، و في هذا الصدد فإن زميلا آخر للسيد حصاد في الحكومة معني بهذا الموضوع ، و يتعلق الأمر بوزير الفلاحة و الصيد البحري الذي يرأس مفتشية عامة بوزارته ،كان من المفروض أن تمارس مهام التفتيش ، و يتمتع بالوصاية على المكتب الوطني للصيد المعني الأول بهذه الاختلالات التي دفعت وزير الداخلية إلى مطالبة وزير العدل بالبحث فيها . ثم لماذا ميناء الحسيمة فقط ؟ شبهات الاختلالات في عمليات الصيد البحري تلوكها الألسن في جميع الموانئ بدون استثناء ، و نحن نقولها بالصراحة اللازمة : هناك مافيات منظمة تنخر قطاع الصيد ببلادنا، و تشتغل في سوق سوداء منظم و علني داخل الموانئ و خارجها . و تمارس أنشطتها بكامل الحرية أمام مرأى و مسمع المكتب الوطني للصيد البحرى و رجال الأمن و الدرك . و لا أحد يحرك ساكنا ،و تروج أخبار تفيد بأن الجميع منتفع من هذه الأنشطة . و مثير حقا أن ننتظر وقوع مأساة في حجم مأساة محسن فكري ليراسل السيد وزير الداخلية نظيره في العدل و الحريات لإجراء بحث في هذا الصدد . في تقديرنا الرسالة التي وجهها السيد وزير الداخلية كان يجب أن تشمل المطالبة بإجراء بحث في عمليات الصيد في جميع الموانئ المغربية بدون أي استثناء، لكي نتجنب وقوع مأساة جديدة أو مآسي أخرى – لا قدر الله – و كانت تفرض أن تصدر على وزير الفلاحة و الصيد البحري ردة فعل في هذا الموضوع .