أسدل الستار مساء يوم السبت الماضي على الدورة الرابعة عشرة لمهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة، و تم خلال حفل الاختتام الإعلان عن نتائج المسابقة التي اختار لها المنظمون خمسين فيلم من 18 بلد من بينها خمسة أفلام لكل من المغرب و إسبانيا و فرنسا و تركيا ، و أربعة أفلام لكرواتيا و اليونان و إيطاليا و البرتغال ، و فيلمين لتونس و مصر و لبنان ، و فيلم واحد لكل من ألبانيا و الجزائر و البوسنة و قبرص و صربيا و سلوفينيا. و قد اتسمت هذه الأفلام باختلاف المواضيع و أساليب تناولها و معالجتها، و بتنوع الأفكار و التجارب و اللمسات الفنية، و هي أفلام عبر فيها أصحابها رجالا و نساء من مختلف الأعمار و البلدان المتوسطية بكل حرية عن مختلف القضايا الاجتماعية و السياسية و الإنسانية الطريفة و المأساوية التي استأثرت باهتمامهم و شغلت بالهم، و التي تم تناولها بالأبيض و الأسود، أو بالألوان، بالحوار أو بدونه. ترأس الجنة التحكيم لهذه الدورة كاتب هذه الطور عمر بلخمار و تكونت من شخصيات فنية و احترافية في الميدان السينمائي و يتعلق الأمر باللبنانية بندى دوماني، المسؤولة الفنية بالهيئة الملكية الأردنية للأفلام ، و الإسبان إيستير كابيرو، مسؤولة عن توزيع وبرمجة الأفلام القصيرة بوكالة كيمواك الباسكية ، و المخرجة و المنتجة المصرية هالة لطفي، و المخرجة المغربية ليلى كيلاني، و المنتج الإيطالي كابرييلي أوريكيو، و الفرنسي جيورج بولون، المسؤول الفني بمهرجان كليرمون فيرون للفيلم القصير. و قبل الإعلان عن النتائج أشادت هذه اللجنة بالمستوى العام الجيد لأفلام هذه الدورة و نوهت باللجنة التي قامت باختيارها و هو أمر صعّب عليها عملية الاختيار، إذ كانت مضطرة لإقصاء أفلام أخرى كانت تستحق التتويج مشيرة إلى أن إقصاء هذه الأفلام لا يعني أنها رديئة ، بل إن العدد المحدود لجوائز هذا المهرجان هو الذي لم يسمح بتتويجها. أشادت اللجنة كذلك بجودة التنظيم المحكم على مستوى التسيير و البرمجة و على مستوى الظروف التي عرضت فيها أفلام المسابقة مصحوبة بالترجمة الفورية بواسطة السماعات التي وضعت رهن إشارة لجنة التحكيم و الجمهور، و اعتبرت هذه الدورة ناجحة سينمائيا. بعد مشاهدتها لكل الأفلام المبرمجة في إطار المسابقة الرسمية ، و بعد مناقشات مستفيضة وفق معايير محددة حسب نوعية جوائز المهرجان تم الاتفاق على الأفلام التي تستحق التتويج ، و قد أشار رئيس اللجنة بأن النتائج المتوصل إليها ليست جوائز النقد ، و ليست جوائز الجمهور أيضا، بل هي نتائج للجنة مكونة من سبعة أعضاء فنانين و محترفين قادمين من مختلف البلدان المتوسطية لكل واحد منهم رأيه و ذوقه و حكمه ، و قد قاموا باختيار الأفلام التي حصل عليها الاتفاق بينهم تارة بالإجماع و تارة أخرى بالتوافق ، و هي نتائج قد يتفق أو لا يتفق معها البعض كليا أو جزئيا ، و هو أمر طبيعي لأنه من المستحيل على أية لجنة أن تتوصل إلى نتائج ترضي الجميع. بالرغم من ذلك فقد صفق الحاضرون في حفل الاختتام بحرارة على الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى بعد إعادة عرضه ، و يتعلق الأمر بالفيلم الإسباني "تايم كود" للمخرج خوانخو خيمينيز و الذي تميز بتفرده و شاعريته و جودته على عدة مستويات . و منحت جائزة لجنة التحكيم للفيلم الفرنسي "المسبح الكبير" للمخرجة فاليري لوروا و اعتبرته اللجنة فيلما مبهجا و طريفا لا يخلو من تفرد و خيال. جائزة أحسن إخراج فاز بها الفيلم الإسباني العميق "الوداع" للمخرجة كلارا روكيت ، كما فاز الفيلم الكرواتي الجميل "ضوء أحمر" لمؤلفيه فيكتور ديسوف و توما مازاروف بجائزة السيناريو نظرا لتماسكه القوي و إيقاعه الموفق. بالنسبة للتشخيص ارتأت اللجنة أن تمنح جائزة أحسن دور نسائي للممثلة المقتدرة ماريا كوهين عن أدائها الجيد و توفقها في التكيف مع تقلبات الدور الصعب الذي أسند إليها في الفيلم الكرواتي "الوحش"، بينما عادت جائزة أحسن دور رجالي للممثل إيدي سويفنك عن أدائه الجيد المطبوع بالقوة و ضبط النفس في الفيلم الفرنسي "محاور". قبل الإعلان عن كل هذه النتائج أبت اللجنة في البداية إلا أن تنوه تنويها خاصا بالفيلم المغربي " آية والبحر" للمخرجة مريم التوزاني، و بالفيلم الإيطالي "الصمت" للمخرجين فرنوش صمدي و علي أصغاري. تجدر الإشارة في الختام إلى أن منظمي مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط برئاسة الأستاذ أحمد حسني وقعوا صبيحة يوم السبت الماضي مع المدير العام للمركز السينمائي المغربي السيد محمد صارم الحق الفاسي الفهري على اتفاق يتم بموجبه التنازل في الدورات القادمة عن الفيلم القصير المتوسطي لفائدة مهرجان طنجة المتخصص هو أيضا في هذا الجنس السينمائي المتوسطي، و بناء على هذا الاتفاق سيصبح مهرجان تطوان متخصصا في الأفلام التخييلية و الوثائقية المتوسطية فقط ، و سيصبح الفيلم القصير المتوسطي من اختصاص مهرجان طنجة ، وهو أمر طبيعي جدا و جيد بالنسبة للطرفين.